الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فالأصلُ أنَّ العامَ والسَّنَةَ لَفظانِ مُشتَرِكانِ يَدُلَّانِ على مَعنىً واحِدٍ، كما قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلا خَمْسِينَ عَاماً فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُون﴾. فاستَثنَى العامَ من السِّنينَ، فَدَلَّ على أنَّ مَعناها واحِدٌ.
والبَعضُ فَرَّقَ بينَ اللَّفظَينِ، فقال:
إذا مَرَّتِ السَّنَةُ بِمَشَقَّةٍ وصِعابٍ، وجِدٍّ واجتِهادٍ، وعَزيمَةٍ مُستَمِرَّةٍ يُقالُ عنها سَنَةً، قال تعالى حِكايَةً عن سَيِّدِنا يُوسُفَ عَلَيهِ السَّلامُ: ﴿تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً﴾.
وإذا مَرَّتِ السَّنَةُ بِرَخاءٍ ونَعيمٍ ورَاحَةٍ يُقالُ عنها عاماً، كما قالَ تعالى عن سَيِّدِنا يُوسُفَ عَلَيهِ السَّلامُ وعلى نَبِيِّنا أفضَلُ الصَّلاةِ وأتَمُّ التَّسليمِ: ﴿ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُون﴾.
وبناء على ذلك:
فالسَّنَةُ إذا مَرَّت على النَّاسِ بِمَشَقَّةٍ وصُعوبَةٍ يُقالُ عنها سَنَةً، وإذا مرَّت بِرَخاءٍ ويُسرٍ يُقالُ عنها عاماً. هذا، والله تعالى أعلم.