{وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ}.

6280 - {وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ}.

05-05-2014 463 مشاهدة
 السؤال :
ما هو تفسير قوله تعالى: {وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ}؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 6280
 2014-05-05

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: هذا لَيسَ أمراً تَكلِيفِيَّاً، بل هوَ نَوعٌ من أنواعِ التَّهدِيدِ للشَّيطانِ فيما يَفعَلُ، كَقَولِ القَائِلِ: أعلَى ما في خَيلِكَ فاركَبْهُ.

ثانياً: أمَّا مُشَارَكَةُ الشَّيطانِ للإنسانِ في مَالِهِ، فهيَ تَحذيرٌ للإنسانِ من أن يُنفِقَ المالَ في مَعصِيَةِ الله عزَّ وجلَّ، وأن يَتَعَامَلَ فيهِ بالرِّبا، فَيُنفِقُهُ في حَرامٍ، ويَكسِبُهُ من حَرامٍ، ولا يَعرِفُ لله تعالى فيهِ حَقَّاً.

ومن جُملَةِ المُشَارَكَةِ في المالِ، مُشَارَكَتُهُ للإنسانِ في الطَّعَامِ والشَّرابِ والمَبيتِ، كما جاءَ في الحَديثِ الشَّريفِ الذي رواه الإمام مسلم عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله رَضِيَ اللهُ عنهُما، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ فَذَكَرَ اللهَ عِنْدَ دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ: لَا مَبِيتَ لَكُمْ وَلَا عَشَاءَ، وَإِذَا دَخَلَ فَلَمْ يَذْكُر اللهَ عِنْدَ دُخُولِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ: أَدْرَكْتُم الْمَبِيتَ، وَإِذَا لَمْ يَذْكُر اللهَ عِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ: أَدْرَكْتُم الْمَبِيتَ وَالْعَشَاءَ».

ثالثاً: أمَّا مُشَارَكَةُ الشَّيطانِ للإنسانِ في وَلَدِهِ، فَتَكونُ في غِوَايَةِ الأولادِ، كما جاءَ في الحَديثِ الشَّريفِ الذي رواه الإمام مسلم عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي خُطْبَتِهِ: «أَلَا إِنَّ رَبِّي أَمَرَنِي أَنْ أُعَلِّمَكُمْ مَا جَهِلْتُمْ مِمَّا عَلَّمَنِي يَوْمِي هَذَا، كُلُّ مَالٍ نَحَلْتُهُ عَبْداً حَلَالٌ، وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ، وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُم الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ، وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَاناً».

وروى الشيخان عَن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ قَالَ: بِاسْمِ الله، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّب الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا، فَإِنَّهُ إِنْ يُقَدَّرْ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فِي ذَلِكَ لَمْ يَضُرَّهُ شَيْطَانٌ أَبَداً».

ويَقولُ الحَسَنُ البَصرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: قَد والله شَارَكَهُم في الأموالِ والأولادِ فَمَجَّسُوا، وهَوَّدُوا، ونَصَّرُوا، وَصَبَغُوا غَيرَ صِبغَةِ الإسلامِ.

وبناء على ذلك:

فَكُلُّ مَعصِيَةٍ تَتَعَلَّقُ بالأموالِ والأولادِ هيَ مُشَارَكَةٌ للشَّيطانِ، فقد زَيَّنَ الشَّيطانُ للكَثيرِ من النَّاسِ أكلَ الأموالِ بالحَرامِ بِكُلِّ صُوَرِه، ومَنْعَ الزَّكاةِ وحُقُوقَ الله تعالى في المالِ، كما زَيَّنَ لَهُم تَهويدَ الأولادِ، وتَنصِيرَهُم، وتَفسِيقَهُم، وانحِرَافَهُم عن شَرْعِ الله تعالى. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
463 مشاهدة
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  التفسير وعلوم القرآن

 السؤال :
 2023-08-07
 302
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾؟
رقم الفتوى : 12669
 السؤال :
 2023-03-23
 1465
مَا هِيَ النَّارُ الكُبْرَى المُشَارُ إِلَيْهَا في قَوْلِهِ تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى* ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾؟
رقم الفتوى : 12465
 السؤال :
 2023-03-23
 663
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾؟
رقم الفتوى : 12464
 السؤال :
 2023-01-30
 1728
مَا هُوَ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾؟
رقم الفتوى : 12370
 السؤال :
 2022-08-03
 1455
مَا المَقْصُودُ بِالخَيْطِ الأَبْيَضِ وَالخَيْطِ الأَسْوَدِ في قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾؟
رقم الفتوى : 12087
 السؤال :
 2022-07-20
 983
يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا﴾. كَيْفَ يَكُونُ الإِيذَاءُ للهِ تعالى، وَحَاشَاهُ أَنْ يَصِلَ لَهُ ضُرٌّ مِنَ الخَلْقِ؟
رقم الفتوى : 12068

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3165
المكتبة الصوتية 4799
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414908021
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :