الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فالمَبِيتُ في مِنَى لَيَالِي أَيَّامِ التَّشرِيقِ وَاجِبٌ عِندَ جُمهُورِ الفُقَهَاءِ، وسُنَّةٌ عِندَ الحَنَفِيَّةِ.
فمن تَرَكَ المَبِيتَ فِيهَا بلا عُذْرٍ فقد أَسَاءَ، ولا يَجِبُ عَلَيهِ الفِدَاءُ عِندَ الحَنَفِيَّةِ، ويَجِبُ عَلَيهِ الدَّمُ في تَرْكِ المَبِيتِ كُلِّهِ أو جُلِّ لَيلَةٍ عِندَ المَالِكِيَّةِ، ولو كَانَ التَّرْكُ لِضَرُورَةٍ.
وعِندَ الشَّافِعِيَّةِ إذا تَرَكَ المَبِيتَ كُلَّهُ بِغَيرِ عُذْرٍ وَجَبَ عَلَيهِ الدَّمُ، وإذا تَرَكَ لَيلَةً وَاحِدَةً فَعَلَيهِ مُدٌّ من الطَّعَامِ، وفي تَرْكِ لَيلَتَينِ مُدَّانِ.
وبناء على ذلك:
فَعِندَ الحَنَفِيَّةِ لا يَجِبُ عَلَيهِ شَيءٌ في تَرْكِ المَبِيتِ بِعُذْرٍ أو بِدُونِ عُذْرٍ.
وعِندَ الشَّافِعِيَّةِ والحَنَابِلَةِ عَلَيهِ مُدَّانِ من الطَّعَامِ، إذا تَرَكَ بَقِيَّةَ المَبِيتِ بِغَيرِ عُذْرٍ، وإنْ تَرَكَ المَبِيتَ لِعُذْرٍ فلا شَيءَ عَلَيهِ.
أمَّا عِندَ المَالِكِيَّةِ، فَيَجِبُ عَلَيهِ دَمٌ ثَانٍ، لأنَّ المَبِيتَ عِندَهُم وَاجِبٌ لَيَالِي التَّشرِيقِ، فمن تَرَكَ المَبِيتَ جُلَّ لَيلَةٍ أو لَيلَةً كَامِلَةً ولو كَانَ لِضَرُورَةٍ، وَجَبَ عَلَيهِ دَمٌ، ولو أَخَّرَ الذَّبْحَ عِندَهُم إلى مَا بَعدَ أَيَّامِ التَّشرِيقِ لَكَفَاهُ دَمٌ وَاحِدٌ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |