معنى كلمة الفتنة في القرآن العظيم

6513 - معنى كلمة الفتنة في القرآن العظيم

16-09-2014 57462 مشاهدة
 السؤال :
يقول الله تبارك وتعالى حكاية عن سيدنا موسى عليه السلام: {إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ}. فما هي الفتنة هنا؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 6513
 2014-09-16

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: الفِتنَةُ في اللُّغَةِ: الابتِلاءُ والامتِحَانُ، مَأخُوذَةٌ من قَولِكَ: فَتَنتُ الفِضَّةَ والذَّهَبَ، أَذَبتُهُمَا بالنَّارِ، لِيَتَمَيَّزَ الرَّدِيءُ من الجَيِّدِ، ومن هذا قَولُ اللهِ تعالى: ﴿يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ﴾. أي: يُحرَقُونَ.

وقد كَثُرَ استِعمَالُ كَلِمَةِ الفِتنَةِ في القُرآنِ العَظِيمِ، وفي كُلِّ مَوطِنٍ لَهَا مَعنَىً، فَأَحيَانَاً تَأتِي بِمَعنَى الاختِبَارِ والابتِلاءِ، قال تعالى: ﴿الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ﴾؟

وأَحيَانَاً تَأتِي بِمَعنَى الصَّدِّ عن سَبِيلِ اللهِ، قال تعالى: ﴿وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكَ﴾.

وأَحيَانَاً تَأتِي بِمَعنَى العَذَابِ، قال تعالى: ﴿ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.

وأَحيَانَاً تَأتِي بِمَعنَى الشِّرْكِ والكُفْرِ، قال تعالى: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾.

وأَحيَانَاً تَأتِي بِمَعنَى النِّفَاقِ، قال تعالى: ﴿وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ﴾. يَعنِي: أَوقَعتُمُوهَا في النِّفَاقِ.

وأَحيَانَاً تَأتِي بِمَعنَى اشتِبَاهِ الحَقِّ بالبَاطِلِ، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ﴾.

وأَحيَانَاً تَأتِي بِمَعنَى الإضلالِ، قال تعالى: ﴿وَمَنْ يُرِدِ اللهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللهِ شَيْئاً﴾.

وأَحيَانَاً تَأتِي بِمَعنَى القَتْلِ والأَسْرِ، قال تعالى: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾.

وأَحيَانَاً تَأتِي بِمَعنَى الاختِلافِ بَينَ النَّاسِ، قال تعالى: ﴿وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ﴾.

وأَحيَانَاً تَأتِي بِمَعنَى الجُنُونِ، قال تعالى: ﴿بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ﴾.

وأَحيَانَاً تَأتِي بِمَعنَى الإحرَاقِ بالنَّارِ، قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾.

ثانياً: أمَّا إذا جَاءَت كَلِمَةُ الفِتنَةِ مُضَافَةً إلى اللهِ تعالى، أو أَضَافَهَا رَسُولُهُ إِلَيهِ، تَكُونُ بِمَعنَى الاختِبَارِ والابتِلاءِ من اللهِ تعالى لِعِبَادِهِ بالخَيرِ والشَّرِّ، قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ﴾. وقال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً﴾. وقال تعالى حِكَايَةً عن سَيِّدِنَا مُوسَى عَلَيهِ السَّلامُ: ﴿إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ﴾.

وبناء على ذلك:

فَقَولُهُ تعالى حِكَايَةً عن سَيِّدِنَا مُوسَى عَلَيهِ السَّلامُ: ﴿إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ﴾. أي: اختِبَارُكَ وابتِلاؤُكَ، وهذا تَأكِيدٌ لِقَولِهِ السَّابِقِ لهذهِ الآيَةِ الكَريمَةِ: ﴿أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا﴾. يَعنِي: لا تُهلِكْنَا بِفِعلِهِم، فإنَّ تِلكَ الفِتنَةَ كَانَتِ اختِبَارَاً مِنكَ وابتِلاءً أَضلَلْتَ بِهَا قَومَاً فَافتُتِنُوا، وهَدَيتَ قَومَاً فَعَصَمتَهُم حَتَّى ثَبَتُوا على دِينِكَ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
57462 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  التفسير وعلوم القرآن

 السؤال :
 2024-08-01
 285
مَا تَفْسِيرُ الآيَتَيْنِ الكَرِيمَتَيْنِ: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ﴾ ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ﴾؟
رقم الفتوى : 13237
 السؤال :
 2024-07-25
 34
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾؟
رقم الفتوى : 13230
 السؤال :
 2024-07-25
 81
مَا دَامَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ فَتَحَ بَابَ التَّوْبَةِ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ، فَكَيْفَ نُوَفِّقُ بَيْنَ هَذَا، وَبَيْنَ قَوْلِهِ تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ﴾؟
رقم الفتوى : 13229
 السؤال :
 2024-07-25
 61
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ﴾؟
رقم الفتوى : 13228
 السؤال :
 2023-08-07
 151
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾؟
رقم الفتوى : 12669
 السؤال :
 2023-03-23
 1743
مَا هِيَ النَّارُ الكُبْرَى المُشَارُ إِلَيْهَا في قَوْلِهِ تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى* ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾؟
رقم الفتوى : 12465

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5630
المقالات 3193
المكتبة الصوتية 4860
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 417810301
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :