الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: من أَخطَرِ مَا يَلقَى العَبدُ رَبَّهُ يَومَ القِيَامَةِ أَكْلُ أَموَالِ النَّاسِ بالبَاطِلِ، فَهِيَ كَبِيرَةٌ من الكَبَائِرِ، وسَبَبٌ لإفلاسِ العَبدِ يَومَ القِيَامَةِ، وأن يَكُونَ مَصِيرُهُ إلى نَارِ جَهَنَّمَ، وبِئْسَ المَصِيرُ، نَسأَلُ اللهَ تعالى العَافِيَةَ.
ثانياً: يَجِبُ على العَبدِ أن يُعِيدَ الحُقُوقَ لأَصحَابِهَا قَبلَ مَوتِهِ، وإلا سَيَندَمُ ولا يَنفَعُهُ النَّدَمُ،
ثالثاً: من شُرُوطِ صِحَّةِ التَّوبَة، رَدُّ الحُقُوقِ لأَصحَابِهَا.
وبناء على ذلك:
فإذا كَانَ وَالِدُكَ تَرَكَ مَالاً، وأَنتَ تَعرِفُ أنَّ هذا المَالَ من حَرَامٍ، وتَعرِفُ أَصحَابَهُ، فَيَجِبُ عَلَيكَ أن تَرُدَّ الأَموَالَ لأَصحَابِهَا، أو أن تَطلُبَ مِنهُمُ السَّمَاحَ عن وَالِدِكَ، وإذا لم تَعرِفْ أَصحَابَ المَالِ، فَاصْرِفْهُ للفُقَرَاءِ.
وإنْ لَم يَتْرُكْ مَالاً، فلا يَجِبُ عَلَيكَ إلا الدُّعَاءَ لَهُ بالمَغفِرَةِ، وأن تَسْتَعْطِفَ قُلُوبَ أَصحَابِ الحُقُوقِ عَلَيهِ، وتَطلُبَ السَّمَاحَ مِنهُم.
وإذا كَانَت أَحوَالُكَ المَادِّيَّةُ مَيسُورَةً، فَأَدِّ عن وَالِدِكَ مَا تَستَطِيعُ أَدَاءَهُ لأَصحَابِ الحَقِّ، وإذا لَم تَعْرِفْهُمْ فَتَصَدَّقْ عَنهُم، وهذا من بَابِ البِرِّ بِوَالِدِكَ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |