الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: كَلِمَةُ المُحصَنَاتِ في القُرآنِ العَظِيمِ جَاءَت على مَعَانٍ ثَلاثَةٍ.
المَعنَى الأَوَّلُ: العَفَائِفُ، لِقَولِهِ تعالى: ﴿مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ﴾.
والمَعنَى الثَّانِي: الحَرَائِرُ الأَبكَارُ، لِقَولِهِ تعالى: ﴿فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ﴾.
والمَعنَى الثَّالِثُ: المُتَزَوِّجَاتُ، لِقَولِهِ تعالى: ﴿فَإِذَا أُحْصِنَّ﴾ أي: تَزَوَّجْنَ.
ثانياً: اِتَّفَقَ الفُقَهَاءُ على أنَّ الرَّقِيقَ إذا زَنَى يُجْلَدُ خَمسِينَ جَلدَةً، ذَكَرَاً كَانَ أم أُنثَى، مُحصَنَاً أو غَيرَ مُحصَنٍ، ولا يُرجَمُ، للحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَن الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصِنْ.
قَالَ: «إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ بِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ ـ هوَ الْحَبْلُ الْمَضْفُورُ ـ».
ولِقَولِ سَيِّدِنَا عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى أَرِقَّائِكُمْ، مَنْ أَحْصَنَ مِنْهُمْ، وَمَنْ لَمْ يُحْصِنْ. رواه الترمذي.
وبناء على ذلك:
فالآيَةُ تَتَحَدَّثُ عن حَدِّ الزِّنَا في الرَّقِيقِ، وَحَدُّهُ خَمسُونَ جَلدَةً، سَوَاءٌ كَانَا بِكْرَاً أو ثَيِّبَاً، والمَقْصُودُ بِقَولِهِ تعالى: ﴿نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ﴾. يَعنِي الحَرَائِرَ الأَبكَارَ، لا المُتَزَوِّجَاتِ، لأنَّ حَدَّ الزَّانِي الحُرِّ الثَّيِّبِ هوَ الرَّجْمُ، كَمَا نَصَّ عَلَيهِ الفُقَهَاءُ بِلا خِلافٍ، لِثُبُوتِ الرَّجْمِ عن سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِقَولِهِ وفِعْلِهِ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |