الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فالسَّبِيلُ للوِقَايَةِ من الفِتَنِ يَكُونُ بِسُلُوكِ أَحَدِ الطَّرِيقَينِ:
الأُولَى: من خِلالِ قَولِهِ تعالى: ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً﴾. أي: اِجْعَلُوا بَينَكُم وبَينَ الفِتَنِ وِقَايَةً، وذلكَ بِتَقوَى اللهِ تعالى، والتَّمَسُّكِ بالكِتَابِ والسُّنَّةِ، قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً﴾. فإذا أَرَادَ العَبدُ الخُرُوجَ من الفِتَنِ والوِقَايَةَ مِنهَا فَعَلَيهِ بِتَقوَى اللهِ تعالى.
الثَّانِيَةُ: من خِلالِ قَولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ، وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ، يَفِرُّ بِدِينِهِ مِن الْفِتَنِ» رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ. وذلكَ بالعُزْلَةِ عن الفِرَقِ كُلِّهَا.
وبناء على ذلك:
فالسَّبِيلُ للوِقَايَةِ من الفِتَنِ أمرَانِ:
الأَوَّلُ: سَبِيلُ تَقوَى اللهِ عزَّ وجلَّ، وذلكَ بالتَّمَسُّكِ بِقَولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى اخْتِلَافاً كَثِيراً، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّهَا ضَلَالَةٌ، فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَعَلَيْهِ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ» رواه الترمذي عَنْ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.
الثاني: العُزْلَةُ، وذلكَ لما رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ يَا رَسُولَ اللهِ؟
قَالَ: «مُؤْمِنٌ يُجَاهِدُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ».
قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟
قَالَ: «ثُمَّ رَجُلٌ مُعْتَزِلٌ فِي شِعْبٍ مِن الشِّعَابِ يَعْبُدُ رَبَّهُ وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ».
اللَّهُمَّ اعْصِمْنَا من جَمِيعِ الفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنهَا ومَا بَطَنَ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |
