﴿وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾

7596 - ﴿وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾

24-09-2016 3564 مشاهدة
 السؤال :
ما تفسير قول الله تعالى: ﴿وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفَاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ * وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابَاً وَسُرُرَاً عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ * وَزُخْرُفَاً وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 7596
 2016-09-24

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَقُولُ الإِمَامُ القُرْطُبُيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: ذَكَرَ حَقَارَةَ الدُّنْيَا وَقِلَّةَ خَطَرِهَا، وَأَنَّهَا عِنْدَهُ مِنَ الهَوَانِ، بِحَيْثُ كَانَ يَجْعَلُ بُيُوتَ الكَفَرَةِ وَدَرَجَهَا ذَهَبَاً وَفِضَّةً لَوْلَا غَلَبَةُ حُبِّ الدُّنْيَا على القُلُوبِ، فَيَحْمِلُ ذَلِكَ على الكُفْرِ.

قَالَ الحَسَنُ: المَعْنَى: لَوْلَا أَنْ يَكْفُرَ النَّاسُ جَمِيعَاً بِسَبَبِ مَيْلِهِمْ إلى الدُّنْيَا وَتَرْكِهِمُ الآخِرَةَ لَأَعْطَيْنَاهُمْ في الدُّنْيَا مَا وَصَفْنَاهُ، لِهَوَانِ الدُّنْيَا عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ وَعَلى هَذَا أَكْثَرُ المُفَسِّرِينَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالسدي وَغَيْرُهُم.

وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: ﴿وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾. فِي طَلَبِ الدُّنْيَا وَاخْتِيَارِهَا عَلَى الآخِرَةِ ﴿لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفَاً مِنْ فِضَّةٍ﴾. اهـ.

وبناء على ذلك:

فَمَا يُنْعِمُ بِهِ اللهُ تعالى على الكُفَّارِ مِنْ نِعَمِ الدُّنْيَا لَيْسَتْ مُبَارَكَةً مِنْهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالى، إِنَّمَا هُوَ اسْتِدْرَاجٌ لَهُمْ، قَالَ تعالى: ﴿سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ * وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ﴾. وَلَكِنْ وَمَعَ هَذَا لَوْلَا أَنْ يُفْتَنَ النَّاسُ بِدِينِهِمْ وَاللهُ أَعْلَمُ بِضَعْفِهِمْ وَتَأْثِيرِ عَرَضِ الدُّنْيَا في قُلُوبِهِمْ، لَجَعَلَ لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ بُيُوتَاً سُقُفُهَا مِنْ فِضَّةٍ، وَسَلَالِمُهَا مِنْ ذَهَبٍ، وَبُيُوتَاً ذَاتَ أَبْوَابٍ كَثِيرَةٍ، وَقُصُورَاً فِيهَا سُرُرٌ للاتِّكَاءِ، وَفِيهَا زُخْرُفٌ للزِّينَةِ، وَكُلُّ هَذَا رَمْزٌ لِهَوَانِ هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا، بِحَيْثُ تُبْذَلُ هَكَذَا رَخِيصَةً لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ ﴿وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
3564 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  التفسير وعلوم القرآن

 السؤال :
 2025-05-07
 145
مِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّهُ مَا مِنْ عَبْدٍ خَلَقَهُ اللهُ تَعَالَى إِلَّا أَسْبَغَ عَلَيْهِ نِعَمًا لَا تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى، حَتَّى وَلَو كَانَ كَافِرًا، فَإِذَا كَانَ هَذَا الكَلَامُ صَحِيحًا فَكَيْفَ نَفْهَمُ قَوْلَهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الفَاتِحَةِ: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾؟ هَلْ مِنَ المَعْقُولِ أَنْ نَطْلُبَ مِنَ اللهِ تَعَالَى أَنْ يَهْدِيَنَا طَرِيقَ الكُفَّارِ؟
رقم الفتوى : 13617
 السؤال :
 2024-08-01
 1131
مَا تَفْسِيرُ الآيَتَيْنِ الكَرِيمَتَيْنِ: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ﴾ ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ﴾؟
رقم الفتوى : 13237
 السؤال :
 2024-07-25
 543
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾؟
رقم الفتوى : 13230
 السؤال :
 2024-07-25
 762
مَا دَامَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ فَتَحَ بَابَ التَّوْبَةِ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ، فَكَيْفَ نُوَفِّقُ بَيْنَ هَذَا، وَبَيْنَ قَوْلِهِ تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ﴾؟
رقم الفتوى : 13229
 السؤال :
 2024-07-25
 506
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ﴾؟
رقم الفتوى : 13228
 السؤال :
 2023-08-07
 676
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾؟
رقم الفتوى : 12669

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5701
المقالات 3235
المكتبة الصوتية 4880
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 424799432
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :