حرمان بعض الورثة من التركة

7664 - حرمان بعض الورثة من التركة

22-10-2016 1045 مشاهدة
 السؤال :
عندي بنات، قمت بتدريسهن، وقمت بالتنازل عن أملاكي لهن، حتى لا يرث إخوتي من مالي، فهل من حرج شرعي علي؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 7664
 2016-10-22

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَدْ روى ابن ماجه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْخَيْرِ سَبْعِينَ سَنَةً، فَإِذَا أَوْصَى حَافَ فِي وَصِيَّتِهِ، فَيُخْتَمُ لَهُ بِشَرِّ عَمَلِهِ فَيَدْخُلُ النَّارَ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الشَّرِّ سَبْعِينَ سَنَةً، فَيَعْدِلُ فِي وَصِيَّتِهِ، فَيُخْتَمُ لَهُ بِخَيْرِ عَمَلِهِ فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ».

وَيَقُولُ الإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ الحَسَنِ تِلْمِيذُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللهُ تعالى: لَيْسَ مِنْ أَخْلَاقِ المُؤْمِنِينَ الفِرَارُ مِنْ أَحْكَامِ اللهِ بِالحِيَلِ المُوصِلَةِ إلى إِبْطَالِ الحَقِّ.

وَالحِيَلُ لِإِبْطَالِ الحَقِّ مِنْ أَفْعَالِ اليَهُودِ الذينَ اسْتَحَقُّوا بِهَا اللَّعْنَ وَالطَّرْدَ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ تعالى، وَالنَّظَرُ في مَآلَاتِ الأَفعَالِ مُعْتَبَرٌ مَقْصُودٌ شَرْعَاً.

وَقَدْ نَصَّ الإِمَامُ الشَّاطِبِيُّ في المُوَافَقَاتِ، و         قَالَ عَنِ الحِيَلِ: حَقِيقَتُهَا المَشْهُورَةُ تَقْدِيمُ عَمَلٍ ظَاهِرِ الْجَوَازِ لِإِبْطَالِ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ وَتَحْوِيلِهِ فِي الظَّاهِرِ إِلَى حُكْمٍ آخَرَ، فَمَآلُ الْعَمَلِ فِيهَا خَرْمُ قَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ فِي الْوَاقِعِ.

وبناء على ذلك:

فَهَذَا الفِعْلُ لَا يَجُوزُ شَرْعَاً، وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ وَتَعَدَّى حُدُودَ اللهِ تعالى؛ لِأَنَّ اللهَ قَسَّمَ التَّرِكَةَ قِسْمَةً عَادِلَةً، وَأَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، قَالَ تعالى في آخِرِ آيَاتِ المَوَارِيثِ: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارَاً خَالِدَاً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾.

وَتَصَوَّرْ يَا أَخِي السَّائِلَ لَو كُنْتَ رَجُلَاً فَقِيرَاً، كَيْفَ سَتَتْرُكُ بَنَاتِكَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكَ، كَمْ سَتَتَوَسَّلُ لِإِخْوَتِكَ مِنْ أَجْلِ رِعَايَتِهِنَّ؟ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلَاً سَدِيدَاً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزَاً عَظِيمَاً﴾. ﴿وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافَاً خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلَاً سَدِيدَاً﴾. وَقَد أَضَافَ أُستاذُنا الدُّكتور أَحْمَد الَحجِّي الكُردي حَفِظَهُ اللهُ تَعَالى عَلى الجَوابِ مَا يَلي: [أَرَى أَنَّهُ لَوْ تَنَازَلَ عَنْ بَعْضِ أَمْلاكِهِ لَهُنَّ لا كُلِّهَا فِي حَياتِهِ لِمَزِيدِ حَاجَتِهِنَّ جَازَ]. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
1045 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  أحكام المواريث

 السؤال :
 2023-07-13
 995
إِذَا تَمَّ عَقْدُ زَوَاجٍ عَلَى فَتَاةٍ وَلَمْ يَدْخُلِ الزَّوْجُ بِهَا، وَمَاتَ أَحَدُهُمَا، فَهَلْ يَرِثُهُ الآخَرُ؟
رقم الفتوى : 12645
 السؤال :
 2021-03-11
 176
مَا مَعْنَى قَوْلِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ»؟
رقم الفتوى : 11032
 السؤال :
 2021-01-20
 2352
أنا رجل متزوج، ورزقني الله بنات ولم يرزقني إخوة لهن، فهل يجوز أن أتنازل عن ممتلكاتي لزوجتي ولبناتي وأنا على قيد الحياة، وحق الانتفاع لي مدى الحياة؟
رقم الفتوى : 10883
 السؤال :
 2021-01-20
 258
أعطت امرأة ابنتها شيئاً من الذهب، وبعد وفاة الأم طالب الورثة هذه البنت بالذهب، وقالوا: هذا من حق الورثة جميعاً، فهل هذا صحيح أم لا؟
رقم الفتوى : 10882
 السؤال :
 2020-10-12
 1010
مَا هُوَ الدَّلِيلُ الشَّرْعِيُّ عَلَى تَحْرِيمِ التَّوَارُثِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَزَوْجَتِهِ النَّصْرَانِيَّةِ؟
رقم الفتوى : 10704
 السؤال :
 2019-11-12
 1910
بَعْدَ وَفَاةِ وَالِدِي رَحِمَهُ اللهُ تعالى تَنَازَلَتْ أُخْتِي عَنْ حِصَّتِهَا مِنَ التَّرْكَةِ، وَبَعْدَ فَتْرَةٍ نَدِمَتْ، وَتُرِيدُ الآنَ حِصَّتَهَا، فَهَلْ هَذَا مِنْ حَقِّهَا؟
رقم الفتوى : 10027

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5629
المقالات 3193
المكتبة الصوتية 4861
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 418384220
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :