العفو والغفور

7688 - العفو والغفور

09-11-2016 2499 مشاهدة
 السؤال :
من أسماء الله تعالى الحسنى العفو والغفور، ما هو الفارق بينهما؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 7688
 2016-11-09

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَمِنْ أَسْمَاءِ اللهِ تعالى الغَفُورُ الغَفَّارُ الغَافِرُ، وَهِيَ مِنْ أَسْمَاءِ المُبَالَغَةِ؛ وَمَعْنَاهَا: السَّاتِرُ لِذُنُوبِ العِبَادِ، المُتَجَاوِزُ عَنْ خَطَايَاهُمْ وَذُنُوبِهِمْ، وَلَا يَسْتُرُهَا فَقَطْ، بَلْ يَتَجَاوَزُ عَنْهَا وَيَغْفِرُهَا، وَيُبَدِّلُهَا حَسَنَاتٍ.

روى الشيخان عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ المَازِنِيِّ، قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا أَمْشِي مَعَ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا آخِذٌ بِيَدِهِ، إِذْ عَرَضَ رَجُلٌ، فَقَالَ: كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي النَّجْوَى؟

فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ اللهَ يُدْنِي المُؤْمِنَ، فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وَيَسْتُرُهُ، فَيَقُولُ: أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا، أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ أَيْ رَبِّ، حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ، وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ هَلَكَ، قَالَ: سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ اليَوْمَ، فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ».

وَالذي يُؤَكِّدُ هَذَا المَعْنَى قَوْلُهُ تعالى: ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحَاً ثُمَّ اهْتَدَى﴾. وَقَوْلُهُ تعالى: ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلَاً صَالِحَاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُورَاً رَحِيمَاً﴾.

وَمِنْ أَسْمَائِهِ تَبَارَكَ وتعالى العَفُوُّ، وَاسْمُ العَفُوِّ مَأْخُوذٌ مِنْ عَفَا يَعْفُو، وَهُوَ زَوَالُ الشَّيْءِ وَذَهَابُهُ وَمَحْوُهُ، فَاللهُ تعالى عَفُوٌّ، يَعْنِي: يَتَجَاوَزُ عَنِ الذَّنْبِ وَيَتْرُكُ العِقَابَ عَلَيْهِ، وَجَاءَ فِي الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الحاكم عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «سَلُوا اللهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ، وَالْيَقِينَ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ، فَإِنَّهُ مَا أُوتِي الْعَبْدُ بَعْدَ الْيَقِينِ خَيْرَاً مِنَ الْعَافِيَةِ».

فَالعَفْوُ: هُوَ مَحْوُ الذُّنُوبِ؛ وَالعَافِيَةُ: هِيَ أَنْ تَسْلَمَ مِنَ الأَسْقَامِ وَالبَلَايَا، وَهِيَ الصِّحَّةُ؛ وَالمُعَافَاةُ: هِيَ أَنْ يُعَافِيَكَ اللهُ تعالى مِنَ النَّاسِ، وَيُعَافِيَهُمْ مِنْكَ، أَيْ: يُغْنِيكَ عَنْهُمْ وَيُغْنِيهِمْ عَنْكَ، وَيَصْرِفَ أَذَاكَ عَنْهُمْ، وَأَذَاهُمْ عَنْكَ.

وبناء على ذلك:

فَالغَفَّارُ هُوَ الذي يَسْتُرُ الذَّنْبَ وَيَغْفِرُهُ، وَيُبَدِّلُ السَّيِّئَاتِ حَسَنَاتٍ؛ أَمَّا العَفُوُّ، فَهُوَ الذي يَعْفُو عَنِ الذَّنْبِ، وَيَتْرُكُ العِقَابَ عَلَيْهِ، وَلَا يَقْتَضِي الثَّوَابَ، فَقَدْ يَعْفُو، وَلَكِنْ لَا يُثِيبُ.

أَسْأَلُ اللهَ تعالى العَفْوَ وَالعَافِيَةَ وَالمُعَافَاةَ وَالمَغْفِرَةَ. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
2499 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مسائل فقهية متنوعة

 السؤال :
 2025-05-14
 372
امْرَأَةٌ تُرَبِّي طُيُورًا فِي بَيْتِهَا، خَرَجَتْ يَوْمًا وَنَسِيَتْ وَضْعَ الطَّعَامِ لَهُمْ حَتَّى مَاتُوا، فَمَاذَا يَجِبُ عَلَيْهَا؟
رقم الفتوى : 13636
 السؤال :
 2025-05-14
 622
مَا صِحَّةُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ: قَالَ المَجْدُ اللُّغَوِيُّ: وَرُوِينَا عَنِ الأَصْمَعِيِّ قال: وَقَفَ أَعْرَابِيٌّ مُقَابِلَ قَبْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا حَبِيبُكَ، وَأَنَا عَبْدُكَ، وَالشَّيْطَانُ عَدُوُّكَ، فَإِنْ غَفَرْتَ لِي سُرَّ حَبِيبُكَ، وَفَازَ عَبْدُكَ، وَغَضِبَ عَدُوُّكَ، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لِي غَضِبَ حَبِيبُكَ، وَرَضِيَ عَدُوُّكَ، وَهَلَكَ عَبْدُكَ وَأَنْتَ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ تُغْضِبَ حَبِيبَكَ، وَتُرْضِيَ عَدُوَّكَ وَتُهْلِكَ عَبْدَكَ، اللَّهُمَّ إِنَّ العَرَبَ الكِرَامَ إِذَا مَاتَ مِنْهُمْ سَيِّدٌ أَعْتَقُوا عَلَى قَبْرِهِ، وَإِنَّ هَذَا سَيِّدُ العَالَمِينَ فَأَعْتِقْنِي عَلَى قَبْرِهِ. قَالَ الأَصْمَعِيُّ: فَقُلْتُ: يَا أَخَا العَرَبِ، إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ غَفَرَ لَكَ، وَأَعْتَقَكَ بِحُسْنِ هَذَا السُّؤَالِ؟
رقم الفتوى : 13634
 السؤال :
 2025-05-14
 249
مَا نَصِيحَتُكُمْ لِإِنْسَانٍ يَشْعُرُ أَنَّهُ مَحْسُودٌ مِنْ أَقْرَانِهِ؟
رقم الفتوى : 13633
 السؤال :
 2025-05-14
 272
مَاذَا يَعْنِي كَلَامُ ابْنِ عَطَاءِ اللهِ السَّكَنْدَرِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْرِفَ مَقَامَكَ، فَانْظُرْ فِي أَيِّ شَيْءٍ أَقَامَكَ؟
رقم الفتوى : 13631
 السؤال :
 2025-04-28
 264
لَقَدْ أَتْعَبَنِي الانْشِغَالُ بِعُيُوبِ النَّاسِ، وَأَصْبَحَ لَدَيَّ نُفُورٌ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ إِلَّا القَلِيلَ، فَمَا نَصِيحَتُكُمْ لِي؟
رقم الفتوى : 13602
 السؤال :
 2025-04-23
 319
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْإِنْسَانِ إِذَا دَخَلَ بَيْتًا، أَوْ أَيَّ مَكَانٍ لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ، أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى نَفْسِهِ؟
رقم الفتوى : 13596

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5701
المقالات 3235
المكتبة الصوتية 4880
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 424808755
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :