العمل في السوق السوداء في الدول الأوروبية

8241 - العمل في السوق السوداء في الدول الأوروبية

01-08-2017 2298 مشاهدة
 السؤال :
ولدي سافر في هذه الأزمة إلى ألمانيا، وهناك يمنح هو وزوجته وأولاده مرتباً لكل واحد منهم ما يكفيهم، وليس مسموحاً لهم بالعمل، فإذا عمل مخالفاً للقانون في السوق السوداء فهل من حرج شرعي عليه؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8241
 2017-08-01

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَطَاعَةُ وَلِيِّ الأَمْرِ في غَيْرِ مَعْصِيَةٍ للهِ تعالى وَاجِبَةٌ عَلَى الإِنْسَانِ المُؤْمِنِ، وَالمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ، كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الإمام البخاري عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «المُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ».

وَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «آيَةُ المُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ» رواه الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ صِدِّيقَاً، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذَّابَاً» رواه الإمام مسلم عَنْ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَدِّ الْأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ» رواه الحاكم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وبناء على ذلك:

فَيَجِبُ عَلَيْكَ أَنْ تُعْلِمَ وَلَدَكَ بِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ هَذَا الفِعْلُ، وَلْيَذْكُرْ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾. فَمَا دَامَ العَقْدُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّوْلَةِ التي هُوَ فِيهَا، أَنَّهُمْ يُعْطُونَهُ مَعَ أُسْرَتِهِ مَا يَكْفِيهِمْ بِشَرْطِ عَدَمِ العَمَلِ، وَلَو لَمْ يَأْخُذُوا مِنْهُ تَصْرِيحَاً في ذَلِكَ، ثِقَةً مِنْهُمْ بِأَنَّهُ مُلْتَزِمٌ القَانُونَ، فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ شَرْعَاً العَمَلُ، لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ مُخَالَفَاتٍ شَرْعِيَّةٍ، مِنَ الكَذِبِ، وَالخِيَانَةِ، وَالحِيلَةِ غَيْرِ الشَّرْعِيَّةِ.

وَأَعْلِمْهُ بِأَنَّ أَعْدَاءَ هَذِهِ الأُمَّةِ يُرَاقِبُونَ الأُمَّةَ الإِسْلَامِيَّةَ وَهُمْ في بِلَادِهِمْ، فَكَيْفَ إِذَا كَانَ المُسْلِمُ عِنْدَهُمْ؟

وَذَكِّرْ وَلَدَكَ بِأَنَّهُ يُنْظَرُ إِلَيْهِ في تِلْكَ البِلَادِ عَلَى أَنَّهُ هُوَ الإِسْلَامُ، فَلْيُعْطِ الصُّورَةَ الصَّحِيحَةَ عَنْ دِينِهِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ رَجُلٍ مِنَ المُسْلِمِينَ عَلَى ثَغْرَةٍ مِنْ ثُغَرِ الْإِسْلَامِ، اللهَ اللهَ لَا يُؤْتَى الْإِسْلَامُ مِنْ قِبَلِكَ» رواه مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرُ المروزي في كتاب السنة.

ذَكِّرْهُ أَنْ لَا يُسِيءَ إلى دِينِ اللهِ تعالى مِنْ أَجْلِ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ، وَخَاصَّةً في هَذِهِ الآوِنَةِ، حَيْثُ الحَرْبُ عَلَى الإِسْلَامِ في بِلَادِ المُسْلِمِينَ، فَهَلْ يَلِيقُ بِهِ أَنْ يُعْطِيَ صُورَةً سَيِّئَةً عَنْ إِسْلَامِهِ بِالكَذِبِ وَالخِدَاعِ وَالغِشِّ؟

ذَكِّرْ وَلَدَكَ بِقَوْلِهِ تعالى حَيْثُ يُعَلِّمُنَا أَنْ نَدْعُوَهُ بِهَذَا الدُّعَاءِ: ﴿رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾. هَؤُلَاءِ الكُفَّارُ اعْتَمَدُوا عَلَى صِدْقِكَ بِالمَعُونَةِ بِـشَرْطِ عَدَمِ العَمَلِ، فَإِنْ شَاهَدُوكَ تَكْذِبُ، فَإِنَّهُمْ سَيَقُولُونَ: أَنْتُمْ يَا مُسْلِمُونَ قَوْمٌ كَذَّابُونَ؛ فَيَظُنُّونَ أَنْفُسَهُمْ أَنَّهُمْ عَلَى حَقٍّ، وَكَأَنَّ مَنْ كَذَبَ عَلَيْهِمْ يَقُولُ لَهُ بِلِسَانِ الحَالِ أَنْتُمْ عَلَى حَقٍّ، وَنَحْنُ عَلَى البَاطِلِ.

وَاللهِ لَوْ أَنَّ المُسْلِمِينَ المُقِيمِينَ في تِلْكَ البِلَادِ الْتَزَمُوا دِينَ اللهِ تعالى، لَكَانَ لَهُمُ الأَثَرُ الكَبِيرُ في هِدَايَةِ هَؤُلَاءِ القَوْمِ، وَلَكِنْ وَبِكُلِّ أَسَفٍ أَنْ تَرَى المُؤْمِنَ يَكْذِبُ وَيُخَادِعُ وَيَغُشُّ وَيَتَعَامَلُ بِالرِّبَا، وَزَوْجَتُهُ سَافِرَةٌ، وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّ هَذَا مُحَرَّمٌ في دِينِنَا، فَيَعْجَبُونَ مِنَ المُسْلِمِينَ أَهَذَا هُوَ إِسْلَامُكُمْ؟

اللَّهُمَّ رُدَّنَا إِلَيْكَ رَدَّاً جَمِيلَاً. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
2298 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مسائل متفرقة في الحظر والإباحة

 السؤال :
 2023-12-29
 238
زَوْجَتِي صَاحِبَةُ دِينٍ وَخُلُقٍ، إِلَّا أَنَّهَا عِنْدَمَا تَتَحَدَّثُ مَعَ زُمَلَائِهَا في العَمَلِ تُمَازِحُهُمْ، وَتَضْحَكُ إِلَيْهِمْ، وَقَدْ قَدَّمْتُ لَهَا النُّصْحَ، وَلَكِنْ بِدُونِ جَدْوَى، فَمَاذَا أَفْعَلُ؟
 السؤال :
 2023-12-29
 672
بِسَبَبِ الظُّرُوفِ القَاهِرَةِ في بَلَدِنَا، اضْطُرِرْنَا للسَّفَرِ خَارِجَ القُطْرِ مَعَ زَوْجِي وَأَخِيهِ وَزَوْجَتِهِ، فَمَا الحُكْمُ الشَّرْعِيُّ في السَّكَنِ سَوِيَّةً في مَنْزِلٍ وَاحِدٍ؟
 السؤال :
 2023-12-29
 344
أَنَا أَهْوَى الرَّسْمَ، وَأَعْلَمُ أَنَّ رَسْمَ ذِي رُوحٍ لَا يَجُوزُ، وَلَكِنْ هَلْ يَجُوزُ أَنْ أَرْسُمَ صُورَةَ إِنْسَانٍ مِنْ خَلْفِهِ؟
 السؤال :
 2023-12-29
 204
مَا حُكْمُ الشَّرْعِ في إِقَامَةِ المَرْأَةِ المُسْلِمَةِ في البِلَادِ الغَرْبِيَّةِ؟
 السؤال :
 2023-03-25
 656
مَا الحُكْمُ الشَّرْعِيُّ في تَعْلِيقِ الخَرَزَةِ الزَّرْقَاءِ، المَرْسُومِ عَلَيْهَا عَيْنٌ، مِنْ أَجْلِ الوِقَايَةِ مِنْ عَيْنِ الحَاسِدِ؟
 السؤال :
 2023-03-10
 858
مَا الحُكْمُ الشَّرْعِيُّ بِتَبَرُّعِ الأَعْضَاءِ بِدُونِ مُقَابِلٍ؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3161
المكتبة الصوتية 4797
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414268696
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :