الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
روى الحاكم وأبو داود عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَقَالَ مُسْلِمَاً أَقَالَهُ اللهُ عَثْرَتَهُ».
ورواه البَزَّارُ وَابْنُ حِبَّانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَقَالَ نَادِمَاً بَيْعَتَهُ، أَقَالَ اللهُ عَثْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
وَذَكَرَ الفُقَهَاءُ وَالعُلَمَاءُ بِأَنَّ مَكَارِمَ الأَخْلَاقِ، وَمَحَاسِنَ الشِّيَمِ، وَالجُودَ وَالكَرَمَ، وَالزُّهْدَ في الدُّنْيَا، مِنْ صُلْبِ دِينِنَا الحَنِيفِ، الذي جَعَلَ الدُّنْيَا هَمْزَةَ وَصْلٍ بَيْنَ العِبَادِ لَا هَمْزَةَ قَطْعٍ.
مِنْ مَحَاسِنِ دِينِنَا أَنَّهُ حَرَّضَنَا عَلَى صِلَةِ الأَرْحَامِ، وَالتَّعَامُلِ بِالإِحْسَانِ لَا بِالمِيزَانِ، بِالفَضْلِ لَا بِالعَدْلِ.
وبناء على ذلك:
فَإِذَا كُنْتَ حَرِيصَاً عَلَى أَنْ يُقِيلَ اللهُ تعالى عَثْرَتَكَ وَنَدَامَتَكَ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَأَقِلْ نَدَامَتَهُ وَأَعِدْ إِلَيْهِ حِصَّتَهُ مِنْ تَرِكَةِ وَالِدِهِ، وَإِنْ كَانَ الأَصْلُ في ذَلِكَ أَنَّ السَّاقِطَ لَا يَعُودُ، وَلَكِنْ تَذَكَّرْ أَنَّ التَّعَامُلَ بِالفَضْلِ أَوْلَى مِنَ التَّعَامُلِ بِالعَدْلِ، وَكُنْ حَرِيصَاً عَلَى حُسْنِ العَلَاقَةِ مَعَ أَخِيكَ، فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الدُّنْيَا بِمَا فِيهَا، وَرُبَّمَا أَخُوكَ تَنَازَلَ بِدَايَةً وَهُوَ عَلَى اسْتِحْيَاءٍ، وَمَا أُخِذَ بِسَيْفِ الحَيَاءِ فَهُوَ سُحْتٌ وَحَرَامٌ. هذا، والله تعالى أعلم.