معنى قوله تعالى: ﴿وَاضْرِبُوهُنَّ﴾

8549 - معنى قوله تعالى: ﴿وَاضْرِبُوهُنَّ﴾

11-12-2017 8 مشاهدة
 السؤال :
هناك معلومة يتناقلها بعض الناس على أجهزة التواصل الاجتماعي بأن قول الله تعالى في تأديب نشوز المرأة: ﴿وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي المَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ﴾. المقصود من الضرب هو المباعدة أو الابتعاد عن الزوجة خارج بيت الزوجية، وليس المقصود الضرب باليد كما يفهمه العوام، لأن الإسلام أرقى وأرفع من أن يهين المرأة، فهل هذا الكلام صحيح؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8549
 2017-12-11

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَهَذَا الكَلَامُ يُعَارِضُ مَا جَاءَ في الحَدِيثِ الـشَّرِيفِ الذي رواه الإمام مسلم عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «فَاتَّقُوا اللهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ، وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدَاً تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبَاً غَيْرَ مُبَرِّحٍ».

وَيُعَارِضُ الحَدِيثَ الشَّرِيفَ الذي رواه الإمام البخاري عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَمْعَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَضْحَكَ الرَّجُلُ مِمَّا يَخْرُجُ مِنَ الأَنْفُسِ، وَقَالَ: «بِمَ يَضْرِبُ أَحَدُكُمُ امْرَأَتَهُ ضَرْبَ الفَحْلِ، أَوِ العَبْدِ، ثُمَّ لَعَلَّهُ يُعَانِقُهَا».

وفي رِوَايَةِ الإمام أحمد: «عَلَامَ يَضْرِبُ أَحَدُكُمْ امْرَأَتَهُ ضَرْبَ الْعَبْدِ، ثُمَّ يُضَاجِعُهَا مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ».

وَيُعَارِضُ الحَدِيثَ الشَّرِيفَ الذي رواه الإمام الحاكم عَنْ إِيَاسِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَضْرِبُوا إِمَاءَ اللهِ».

فَجَاءَ عُمَرُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، ذَئِرْنَ النِّسَاءُ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ (اجْتَرَأْنَ) فَرَخَّصَ فِي ضَرْبِهِنَّ.

فَأَطَافَ بِآلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْتَكِينَ أَزْوَاجَهُنَّ.

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَقَدْ طَافَ بِآلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْتَكِينَ أَزْوَاجَهُنَّ، لَيْسَ أُولَائِكَ بِخِيَارِكُمْ».

وَقَدْ نَصَّ الفُقَهَاءُ بِالاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّ مِمَّا يُؤَدِّبُ بِهِ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ عِنْدَ نُشُوزِهَا الـضَّرْبَ، وَاشْتَرَطُوا في ضَرْبِ التَّأْدِيبِ إِنْ نَشَزَتِ الزَّوْجَةُ أَنْ يَكُونَ الضَّرْبُ غَيْرَ مُدْمٍ وَلَا مُبَرِّحٍ، وَلَا شَائِنٍ، وَلَا مُخَوِّفٍ، وَلَا يَكْسِرُ عَظْمَاً، لِأَنَّ المَقْصُودَ مِنْهُ الصَّلَاحُ لَا غَيْرَ.

وبناء على ذلك:

فَهَذَا الكَلَامُ المُتَدَاوَلُ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَفِيهِ تَكْذِيبٌ لِحَدِيثِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَضَرْبُ المَرْأَةِ النَّاشِزِ للتَّأْدِيبِ مَشْرُوعٌ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَلَكِنِ الأَوْلَى وَالأَكْرَمُ في حَقِّ الخِيَارِ مِنَ الأَزْوَاجِ أَنْ لَا يَضْرِبُوا حِفَاظَاً عَلَى المَوَدَّةِ وَالرَّحْمَةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ.

وَالأَمْرُ لَيْسَ بِبَعِيدٍ أَنْ يَكُونَ صَاحِبُ هَذَا التَّأْوِيلِ يَتَكَلَّفُ إِرْضَاءَ أَعْدَاءِ الإِسْلَامِ وَمَرْضَى القُلُوبِ، الذينَ يُشَكِّكُونَ النَّاسَ بِدِينِهِمْ وَيَتَّهِمُونَ الإِسْلَامَ، وَيَغَضُّونَ الطَّرْفَ عَمَّا في تَأْدِيبِ الإِسْلَامِ للمَرْأَةِ مِنَ الرَّحْمَةِ، قِيَاسَاً عَلَى مَا لَدَيْهِمْ مِنَ الوَحْشِيَّةِ في التَّعَامُلِ مَعَ النِّسَاءِ، فَمَا تَذْكُرُهُ التَّقَارِيرُ عَنْ أَنَّهَا لَا تَمُرُّ دَقِيقَةُ في الغَرْبِ إِلَّا وَيُهَشَّمُ رَأْسُ امْرَأَةٍ بِالضَّرْبِ وَالقَتْلِ، وَلَكِنْ مَرْضَى النُّفُوسِ لَا يَقِفُونَ عِنْدَ ذَلِكَ وَلَا يُشِيرُونَ إِلَيْهِ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
8 مشاهدة
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  التفسير وعلوم القرآن

 السؤال :
 2024-08-01
 189
مَا تَفْسِيرُ الآيَتَيْنِ الكَرِيمَتَيْنِ: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ﴾ ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ﴾؟
رقم الفتوى : 13237
 السؤال :
 2024-07-25
 55
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾؟
رقم الفتوى : 13230
 السؤال :
 2024-07-25
 30
مَا دَامَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ فَتَحَ بَابَ التَّوْبَةِ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ، فَكَيْفَ نُوَفِّقُ بَيْنَ هَذَا، وَبَيْنَ قَوْلِهِ تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ﴾؟
رقم الفتوى : 13229
 السؤال :
 2024-07-25
 17
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ﴾؟
رقم الفتوى : 13228
 السؤال :
 2023-08-07
 123
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾؟
رقم الفتوى : 12669
 السؤال :
 2023-03-23
 1708
مَا هِيَ النَّارُ الكُبْرَى المُشَارُ إِلَيْهَا في قَوْلِهِ تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى* ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾؟
رقم الفتوى : 12465

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5629
المقالات 3189
المكتبة الصوتية 4847
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 417354428
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :