الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَدْ أَجَازَ الفُقَهَاءُ أَن يُوصِيَ الإِنْسَانُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِأَنْ يُؤْخَذَ عُضْوٌ مِنْ أَعْضَائِهِ غَيْرِ التَّنَاسُلِيَّةِ لِإِنْسَانٍ حَيٍّ تَتَوَقَّفُ حَيَاتُهُ عَلَى ذَلِكَ العُضْوِ، أَو تَتَوَقَّفُ سَلَامَةُ وَظِيفَةٍ أَسَاسِيَّةٍ مِنْهُ عَلَى ذَلِكَ بِشُرُوطٍ:
1ـ أَنْ يَكُونَ المُتَبَرِّعُ بَالِغَاً عَاقِلَاً رَاشِدَاً.
2ـ أَنْ يَأْذَنَ المَيْتُ بِذَلِكَ قَبْلَ مَوْتِهِ.
3ـ أَنْ يَأْذَنَ الوَرَثَةُ بِذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ قَدْ أَوْصَى بِذَلِكَ قَبْلَ مَوْتِهِ.
4ـ إِذَا كَانَ المُتَوَفَّى مَجْهُولَ الهُوِيَّةِ وَلَمْ يَأْذَنْ قَبْلَ مَوْتِهِ، أَو لَا وَرَثَةَ لَهُ، فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ لِجَوَازِ التَّبَرُّعِ في هَذِهِ الحَالَةِ مُوَافَقَةُ وَلِيِّ أَمْرِ المُسْلِمِينَ.
5ـ أَنْ يُتَحَقَّقَ مِنْ مَوْتِ المُتَبَرِّعِ، وَذَلِكَ بِتَعَطُّلِ جَمِيعِ وَظَائِفِ الدِّمَاغِ تَعَطُّلَاً نِهَائِيَّاً لَا رَجْعَةَ فِيهِ، وَأَنْ يَتَوَقَّفَ القَلْبُ وَالتَّنَفُّسُ تَوَقُّفَاً تَامَّاً لَا رَجْعَةَ فِيهِ.
6ـ أَنْ لَا يَكُونَ العُضْوُ المُتَبَرَّعُ بِهِ مُقَابِلَ مَالٍ (أَيْ: بَيْعَاً).
وبناء على ذلك:
فَلَا حَرَجَ مِنْ أَنْ يُوصِيَ الإِنْسَانُ بِبَعْضِ أَعْضَائِهِ غَيْرِ التَّنَاسُلِيَّةِ لِإِنْسَانٍ حَيٍّ بِالـشُّرُوطِ التي ذُكِرَتْ. هذا، والله تعالى أعلم.