نية المرء خير من عمله

8616 - نية المرء خير من عمله

15-01-2018 7123 مشاهدة
 السؤال :
ما صحة قول: نية المرء خير من عمله، وما معناه؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8616
 2018-01-15

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَدْ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «نِيَّةُ المُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ، وَعَمَلُ المُنَافِقِ خَيْرٌ مِنْ نِيَّتِهِ، وَكُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى نِيَّتِهِ، فَإِذَا عَمِلَ المُؤْمِنُ عَمَلَاً نَارَ فِي قَلْبِهِ نُورٌ». وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ.

وروى البيهقي عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «نِيَّةُ المُؤْمِنِ أَبْلَغُ مِنْ عَمَلِهِ» وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ.

وَأَمَّا مَعْنَى الحَدِيثِ، فَقَدْ قَالَ شُرَّاحُ الحَدِيثِ فِيهِ أَقْوَالَاً عِدَّةً؛ مِنْهَا:

أَنَّ النِّيَّةَ عَمَلٌ قَلْبِيٌّ، وَأَعْمَالُ القَلْبِ تَكُونُ مُضَاعَفَةً، لِأَنَّهَا غَيْبٌ وَلَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا أَحَدٌ إِلَّا اللهُ تعالى، بِخِلَافِ الأَعْمَالِ الظَّاهِرَةِ.

أَنَّ النِّيَّةَ سِرٌّ لَا يَدْخُلُهَا رِيَاءٌ وَلَا سُمْعَةٌ، وَلَا تَدْخُلُ عَلَيْهَا آفَةٌ مِنَ الآفَاتِ التي تُحْبِطُ العَمَلَ.

النِّيَّةُ هِيَ شَرْطُ قَبُولِ العَمَلِ عِنْدَ اللهِ تعالى، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» رواه الإمام البخاري عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. لِذَا كَانَتْ خَيْرَاً مِنَ العَمَلِ الظَّاهِرِ.

النِّيَّةُ خَيْرٌ مِنَ العَمَلِ، يَعْنِي أَنَّ نِيَّةَ المُؤْمِنِ دَائِمَاً وَأَبَدَاً مُسْتَمِرَّةٌ، وَلَكِنَّ الأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ قَدْ تَنْقَطِعُ، لِذَا كَانَ خُلُودُ أَهْلِ الجَنَّةِ في الجَنَّةِ بِسَبَبِ أَنَّ النِّيَّةَ عَلَى الطَّاعَاتِ مُسْتَمِرَّةٌ عِنْدَهُمْ، وَكَذَلِكَ كَانَ خُلُودُ أَهْلِ النَّارِ في النَّارِ بِسَبَبِ أَنَّ النِّيَّةَ عَلَى المَعَاصِي وَالمُنْكَرَاتِ مُسْتَمِرَّةٌ عِنْدَهُمْ.

وبناء على ذلك:

فَالحَدِيثُ ضَعِيفٌ، وَمَعْنَاهُ النِّيَّةُ مِنْ أَعْمَالِ القُلُوبِ، فَمَنْ عَجِزَ عَنْ إِتْيَانِ العَمَلِ الصَّالِحِ في الظَّاهِرِ لِسَبَبٍ قَاهِرٍ، وَكَانَ نَاوِيَاً العَمَلَ بِصِدقٍ كُتِبَ لَهُ الأَجْرُ كَامِلَاً بِإِذْنِ اللهِ تعالى.

روى الإمام البخاري عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي غَزَاةٍ، فَقَالَ: «إِنَّ أَقْوَامَاً بِالمَدِينَةِ خَلْفَنَا، مَا سَلَكْنَا شِعْبَاً وَلَا وَادِيَاً إِلَّا وَهُمْ مَعَنَا فِيهِ، حَبَسَهُمُ العُذْرُ».

وَلَا يَعْنِي الحَدِيثُ أَنْ يَنْوِيَ العَبْدُ الأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ، وَيَكْتَفِيَ بِالنِّيَّةِ دُونَ العَمَلِ، لِأَنَّ النِّيَّةَ بِدُونِ عَمَلٍ مَعَ وَجُودِ القُدْرَةِ عَلَى العَمَلِ لَا تَكْفِي. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
7123 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مسائل فقهية متنوعة

 السؤال :
 2023-12-29
 1192
اتَّصَلَتِ امْرَأَةٌ بِمُدِيرِهَا تُبَارِكُ لَهُ بِمَوْلُودٍ جَاءَهُ، فَرَدَّ عَلَيْهَا وَأَخْبَرَهَا أَنَّهُ يُحِبُّهَا مُنْذُ أَنْ عَرَفَهَا، وَطَلَبَ مِنْهَا أَنْ يَزُورَهَا في زِيَارَةً خَاصَّةً، فَمَاذَا تَفْعَلُ، وَهِيَ امْرَأَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ وَمُحَافِظَةٌ؟
رقم الفتوى : 12878
 السؤال :
 2023-12-29
 225
لَقَدْ دَعَانَا الإِسْلَامُ إلى العَفْوِ وَالصَّفْحِ عَنِ المُسِيءِ، أَلَا تَرَى في ذَلِكَ ضَيَاعًا لِكَرَامَةِ الإِنْسَانِ؟
رقم الفتوى : 12876
 السؤال :
 2023-12-11
 583
أَنَا طَالِبُ عِلْمٍ، وَأَدْرُسُ الشَّرِيعَةَ، وَلَكِنَّ نَظْرَةَ المُجْتَمَعِ وَالأَقَارِبِ نَظْرَةٌ دُونِيَّةٌ، وَيَقُولُونَ: إِنَّنِي إِنْسَانٌ مُتَخَلِّفٌ، وَيُسْمِعُونِي كَلَامًا جَارِحًا، وَوَالِدِي مِنْ أَهْلِ العِلْمِ، يَرَى الأَخْطَاءَ، فَأَقُولُ لَهُ: قَدِّمِ النُّصْحَ لَهُمْ، فَيَقُولُ: لَا شَأْنَ لَنَا مَعَ أَحَدٍ، فَبِمَ تَنْصَحُنِي؟
رقم الفتوى : 12849
 السؤال :
 2023-07-13
 2840
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ مُعَلِمَ الصِّبْيَانِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؟
رقم الفتوى : 12644
 السؤال :
 2023-07-13
 1253
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ المَحْرُومَ مِنَ الوَلَدِ إِذَا لَازَمَ الاسْتِغْفَارَ يُكْرِمُهُ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ بِذُرِّيَّةٍ صَالِحَةٍ؟
رقم الفتوى : 12642
 السؤال :
 2023-03-25
 7517
امْرَأَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ، ارْتَكَبَتْ جَرِيمَةَ الزِّنَا، وَتُرِيدُ أَنْ تَتُوبَ إلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَهَلْ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَطْلُبَ الطَّلَاقَ مِنْ زَوْجِهَا، وَتَتَزَوَّجَ مِنَ الزَّانِي بِهَا، لَعَلَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقْبَلُ تَوْبَتَهَا؟
رقم الفتوى : 12474

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3160
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 413377927
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :