نية المرء خير من عمله

8616 - نية المرء خير من عمله

15-01-2018 10373 مشاهدة
 السؤال :
ما صحة قول: نية المرء خير من عمله، وما معناه؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8616
 2018-01-15

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَدْ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «نِيَّةُ المُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ، وَعَمَلُ المُنَافِقِ خَيْرٌ مِنْ نِيَّتِهِ، وَكُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى نِيَّتِهِ، فَإِذَا عَمِلَ المُؤْمِنُ عَمَلَاً نَارَ فِي قَلْبِهِ نُورٌ». وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ.

وروى البيهقي عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «نِيَّةُ المُؤْمِنِ أَبْلَغُ مِنْ عَمَلِهِ» وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ.

وَأَمَّا مَعْنَى الحَدِيثِ، فَقَدْ قَالَ شُرَّاحُ الحَدِيثِ فِيهِ أَقْوَالَاً عِدَّةً؛ مِنْهَا:

أَنَّ النِّيَّةَ عَمَلٌ قَلْبِيٌّ، وَأَعْمَالُ القَلْبِ تَكُونُ مُضَاعَفَةً، لِأَنَّهَا غَيْبٌ وَلَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا أَحَدٌ إِلَّا اللهُ تعالى، بِخِلَافِ الأَعْمَالِ الظَّاهِرَةِ.

أَنَّ النِّيَّةَ سِرٌّ لَا يَدْخُلُهَا رِيَاءٌ وَلَا سُمْعَةٌ، وَلَا تَدْخُلُ عَلَيْهَا آفَةٌ مِنَ الآفَاتِ التي تُحْبِطُ العَمَلَ.

النِّيَّةُ هِيَ شَرْطُ قَبُولِ العَمَلِ عِنْدَ اللهِ تعالى، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» رواه الإمام البخاري عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. لِذَا كَانَتْ خَيْرَاً مِنَ العَمَلِ الظَّاهِرِ.

النِّيَّةُ خَيْرٌ مِنَ العَمَلِ، يَعْنِي أَنَّ نِيَّةَ المُؤْمِنِ دَائِمَاً وَأَبَدَاً مُسْتَمِرَّةٌ، وَلَكِنَّ الأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ قَدْ تَنْقَطِعُ، لِذَا كَانَ خُلُودُ أَهْلِ الجَنَّةِ في الجَنَّةِ بِسَبَبِ أَنَّ النِّيَّةَ عَلَى الطَّاعَاتِ مُسْتَمِرَّةٌ عِنْدَهُمْ، وَكَذَلِكَ كَانَ خُلُودُ أَهْلِ النَّارِ في النَّارِ بِسَبَبِ أَنَّ النِّيَّةَ عَلَى المَعَاصِي وَالمُنْكَرَاتِ مُسْتَمِرَّةٌ عِنْدَهُمْ.

وبناء على ذلك:

فَالحَدِيثُ ضَعِيفٌ، وَمَعْنَاهُ النِّيَّةُ مِنْ أَعْمَالِ القُلُوبِ، فَمَنْ عَجِزَ عَنْ إِتْيَانِ العَمَلِ الصَّالِحِ في الظَّاهِرِ لِسَبَبٍ قَاهِرٍ، وَكَانَ نَاوِيَاً العَمَلَ بِصِدقٍ كُتِبَ لَهُ الأَجْرُ كَامِلَاً بِإِذْنِ اللهِ تعالى.

روى الإمام البخاري عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي غَزَاةٍ، فَقَالَ: «إِنَّ أَقْوَامَاً بِالمَدِينَةِ خَلْفَنَا، مَا سَلَكْنَا شِعْبَاً وَلَا وَادِيَاً إِلَّا وَهُمْ مَعَنَا فِيهِ، حَبَسَهُمُ العُذْرُ».

وَلَا يَعْنِي الحَدِيثُ أَنْ يَنْوِيَ العَبْدُ الأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ، وَيَكْتَفِيَ بِالنِّيَّةِ دُونَ العَمَلِ، لِأَنَّ النِّيَّةَ بِدُونِ عَمَلٍ مَعَ وَجُودِ القُدْرَةِ عَلَى العَمَلِ لَا تَكْفِي. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
10373 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مسائل فقهية متنوعة

 السؤال :
 2025-05-14
 368
امْرَأَةٌ تُرَبِّي طُيُورًا فِي بَيْتِهَا، خَرَجَتْ يَوْمًا وَنَسِيَتْ وَضْعَ الطَّعَامِ لَهُمْ حَتَّى مَاتُوا، فَمَاذَا يَجِبُ عَلَيْهَا؟
رقم الفتوى : 13636
 السؤال :
 2025-05-14
 622
مَا صِحَّةُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ: قَالَ المَجْدُ اللُّغَوِيُّ: وَرُوِينَا عَنِ الأَصْمَعِيِّ قال: وَقَفَ أَعْرَابِيٌّ مُقَابِلَ قَبْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا حَبِيبُكَ، وَأَنَا عَبْدُكَ، وَالشَّيْطَانُ عَدُوُّكَ، فَإِنْ غَفَرْتَ لِي سُرَّ حَبِيبُكَ، وَفَازَ عَبْدُكَ، وَغَضِبَ عَدُوُّكَ، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لِي غَضِبَ حَبِيبُكَ، وَرَضِيَ عَدُوُّكَ، وَهَلَكَ عَبْدُكَ وَأَنْتَ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ تُغْضِبَ حَبِيبَكَ، وَتُرْضِيَ عَدُوَّكَ وَتُهْلِكَ عَبْدَكَ، اللَّهُمَّ إِنَّ العَرَبَ الكِرَامَ إِذَا مَاتَ مِنْهُمْ سَيِّدٌ أَعْتَقُوا عَلَى قَبْرِهِ، وَإِنَّ هَذَا سَيِّدُ العَالَمِينَ فَأَعْتِقْنِي عَلَى قَبْرِهِ. قَالَ الأَصْمَعِيُّ: فَقُلْتُ: يَا أَخَا العَرَبِ، إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ غَفَرَ لَكَ، وَأَعْتَقَكَ بِحُسْنِ هَذَا السُّؤَالِ؟
رقم الفتوى : 13634
 السؤال :
 2025-05-14
 248
مَا نَصِيحَتُكُمْ لِإِنْسَانٍ يَشْعُرُ أَنَّهُ مَحْسُودٌ مِنْ أَقْرَانِهِ؟
رقم الفتوى : 13633
 السؤال :
 2025-05-14
 270
مَاذَا يَعْنِي كَلَامُ ابْنِ عَطَاءِ اللهِ السَّكَنْدَرِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْرِفَ مَقَامَكَ، فَانْظُرْ فِي أَيِّ شَيْءٍ أَقَامَكَ؟
رقم الفتوى : 13631
 السؤال :
 2025-04-28
 263
لَقَدْ أَتْعَبَنِي الانْشِغَالُ بِعُيُوبِ النَّاسِ، وَأَصْبَحَ لَدَيَّ نُفُورٌ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ إِلَّا القَلِيلَ، فَمَا نَصِيحَتُكُمْ لِي؟
رقم الفتوى : 13602
 السؤال :
 2025-04-23
 319
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْإِنْسَانِ إِذَا دَخَلَ بَيْتًا، أَوْ أَيَّ مَكَانٍ لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ، أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى نَفْسِهِ؟
رقم الفتوى : 13596

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5701
المقالات 3235
المكتبة الصوتية 4880
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 424799872
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :