الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَالأَصْلُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ للمَرْأَةِ أَنْ تَمْتَنِعَ عَنْ فِرَاشِ زَوْجِهَا إِذَا دَعَاهَا، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ، فَأَبَتْ، فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا، لَعَنَتْهَا المَلاَئِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ» رواه الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا بَاتَتِ المَرْأَةُ مُهَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا، لَعَنَتْهَا المَلاَئِكَةُ حَتَّى تَرْجِعَ» رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا مِنْ رَجُلٍ يَدْعُو امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهَا، فَتَأْبَى عَلَيْهِ، إِلَّا كَانَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ سَاخِطَاً عَلَيْهَا حَتَّى يَرْضَى عَنْهَا» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا تُؤَدِّي المَرْأَةُ حَقَّ رَبِّهَا حَتَّى تُؤَدِّيَ حَقَّ زَوْجِهَا، وَلَوْ سَأَلَهَا نَفْسَهَا وَهِيَ عَلَى قَتَبٍ (هُوَ للجَمَلِ كَالإِكَافِ لِغَيْرِهِ) لَمْ تَمْنَعْهُ» رواه ابن ماجه عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
فَالوَاجِبُ عَلَى المَرْأَةِ أَنْ لَا تَمْتَنِعَ عَنْ فِرَاشِ زَوْجِهَا، إِذَا لَمْ يَكُنْ مُتَلَبِّسَاً بِالمَعْصِيَةِ.
أَمَّا إِذَا كَانَ مُتَلَبِّسَاً بِالمَعْصِيَةِ، فَلَهَا حَقُّ الامْتِنَاعِ.
وَكَذَلِكَ مِنْ حَقِّهَا أَنْ تَمْتَنِعَ عَنْ زَوْجِهَا إِذَا كَانَتْ حَائِضَاً أَو نُفَسَاءَ، أَو قَائِمَةً في صَلَاةِ فَرْضٍ أَو نَفْلٍ كَانَتْ مَأْذُونَةً بِهِ مِنْهُ، أَو كَانَتْ مَرِيَضَةً مَرَضَاً يَمْنَعُهَا مِنَ المُعَاشَرَةِ.
وبناء على ذلك:
فَإِذَا طَلَبَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ إلى الفِرَاشِ وَقَدْ ذَهَبَ عَنْهُ أَثَرُ الخَمْرِ، وَعَادَ إلى صَحْوِهِ، فَعَلَيْهَا أَنْ تَسْتَجِيبَ، وَأَمَّا إِذَا كَانَ في حَالَةِ السُّكْرِ فَمِنْ حَقِّهَا أَنْ تَمْتَنِعَ حَتَّى يَصْحُوَ.
وَأَنْصَحُ المَرْأَةَ بِالصَّبْرِ وَالمُصَابَرَةِ عَلَى هَذَا الزَّوْجِ لَعَلَّ اللهَ تعالى أَنْ يَـشْرَحَ صَدْرَهُ للإِسْلَامِ، وَيُكَرِّهَ إِلَيْهِ الكُفْرَ وَالفُسُوقَ وَالعِصْيَانَ، وَعَلَيْهَا بِالنُّصْحِ لَهُ وَالتَّذْكِيرِ بَيْنَ الحِينِ وَالآخَرِ، لَعَلَّهُ أَنْ يَتُوبَ إلى اللهِ تعالى، وَأَنْ تُكْثِرَ لَهُ مِنَ الدُّعَاءِ؛ وَالسَّعِيدُ مَنْ أَعَانَ عَاصِيَاً عَلَى تَرْكِ عِصْيَانِهِ.
نَسْأَلُ اللهَ تعالى لَنَا وَلَهُ الصَّلَاحَ. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |