الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
روى الإمام البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ لِي صَوَاحِبُ (جَوَارِي صَغِيرَاتٌ) يَلْعَبْنَ مَعِي؛ فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ يَتَقَمَّعْنَ مِنْهُ (يَدْخُلْنَ البَيْتَ وَيَسْتَتِرْنَ مِنهُ ثُمَّ يَذْهَبْنَ) فَيُسَرِّبُهُنَّ إِلَيَّ (يُرْسِلُهُنَّ وَاحِدَةً بَعْدَ الأُخْرَى) فَيَلْعَبْنَ مَعِي.
وفي رِوَايَةِ أَبِي داود عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ، أَوْ خَيْبَرَ وَفِي سَهْوَتِهَا سِتْرٌ(السَّهْوَةُ:حَائِطٌ صَغِيرٌ بَيْنَ حَائِطَي البَيْتِ وَيُجْعَلُ السَّقْفُ عَلَى الجَمِيعِ فَمَا كَانَ وَسَطَ البَيْتِ فَهُو سَهْوَةٌ وَمَاكَانَ دَاخِلَهُ فَهُوَ الَمخْدَعُ )، فَهَبَّتْ رِيحٌ فَكَشَفَتْ نَاحِيَةَ السِّتْرِ عَنْ بَنَاتٍ لِعَائِشَةَ لُعَبٍ، فَقَالَ: «مَا هَذَا يَا عَائِشَةُ؟».
قَالَتْ: بَنَاتِي.
وَرَأَى بَيْنَهُنَّ فَرَسَاً لَهُ جَنَاحَانِ مِنْ رِقَاعٍ، فَقَالَ: «مَا هَذَا الَّذِي أَرَى وَسْطَهُنَّ؟».
قَالَتْ: فَرَسٌ.
قَالَ: «وَمَا هَذَا الَّذِي عَلَيْهِ؟».
قَالَتْ: جَنَاحَانِ.
قَالَ: «فَرَسٌ لَهُ جَنَاحَانِ؟».
قَالَتْ: أَمَا سَمِعْتَ أَنَّ لِسُلَيْمَانَ خَيْلَاً لَهَا أَجْنِحَةٌ؟.
قَالَتْ: فَضَحِكَ حَتَّى رَأَيْتُ نَوَاجِذَهُ. اهـ.
وبناء على ذلك:
فَقَدِ اسْتَثْنَى أَكْثَرُ الفُقَهَاءِ مِنْ تَحْرِيمِ الصُّوَرِ وَصِنَاعَةِ التَّمَاثِيلِ صِنَاعَةَ لُعَبِ البَنَاتِ، وَهُوَ مَذْهَبُ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ، وَقَالُوا بِأَنَّ صِنَاعَتَهَا لَا تَحْرُمُ، وَيَجُوزُ اسْتِصْنَاعُهَا وَصُنْعُهَا وَبَيْعُهَا وَشِرَاؤُهَا لَهُنَّ، لِأَنَّهُنَّ يَتَدَرَّبْنَ بِذَلِكَ عَلَى رِعَايَةِ الأَطْفَالِ. هذا، والله تعالى أعلم.