﴿هَبْ لِي حُكْمَاً﴾

8959 - ﴿هَبْ لِي حُكْمَاً﴾

19-06-2018 1245 مشاهدة
 السؤال :
ما تفسير قول الله تعالى حكاية عن سيدنا إبراهيم عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: ﴿رَبِّ هَبْ لِي حُكْمَاً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8959
 2018-06-19

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَهَذَا مِنْ دُعَاءِ سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بَعْدَ أَنْ أَثْنَى عَلَى رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَعَظَّمَ شَأْنَهُ، وَعَدَّدَ نِعْمَتَهُ مِنْ لَدُنْ خَلْقِهِ إلى حِينِ وَفَاتِهِ، مَعَ مَا يَرْجُوهُ في الآخِرَةِ مِنْ رَحْمَتِهِ، كَمَا قَالَ تعالى عَنْهُ: ﴿الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ * وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ﴾. بَعْدَ هَذَا دَعَا بِقَوْلِهِ: ﴿رَبِّ هَبْ لِي حُكْمَاً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ * وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ * وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ * وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ * وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ * يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾.

فَقَدْ سَأَلَ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أُمُورَاً تَجْعَلُهُ مِنَ الأَخْيَارِ المُصْطَفَيْنَ، للتَّعْلِيمِ وَالاقْتِدَاءِ بِهِ، وَتِلْكَ الأُمُورُ هِيَ:

أولاً: سَأَلَ اللهَ تعالى أَنْ يَهَبَ لَهُ حُكْمَاً، يَعْنِي: عِلْمَاً وَفَهْمَاً وَمَعْرِفَةً يُنَوِّرُ بِهَا قَلْبَهُ الشَّرِيفَ، لِيَتَعَرَّفَ عَلَى اللهِ تعالى، وَأَنْ يُدْرِكَ الحَقَّ وَالصَّوَابَ مِنْ أَجْلِ العَمَلِ بِهِ.

ثانياً: أَنْ يُلْحِقَهُ اللهُ تعالى بِالصَّالِحِينَ المُنَزَّهِينَ الكُمَّلِ.

ثالثاً: أَنْ يَجْعَلَ لَهُ لِسَانَ صِدْقٍ في الآخِرِينَ، يَعْنِي: ذِكْرَاً جَمِيلَاً بَعْدَ وَفَاتِهِ، يُذْكَرُ بِهِ في الدُّنْيَا لِيُقْتَدَى بِهِ في الخَيْرِ.

رابعاً: أَنْ يَجْعَلَهُ اللهُ تعالى مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ، يَتَمَتَّعُ بِهَا وَبِخَيْرَاتِهَا وَنَعِيمِهَا، كَمَا يَتَمَتَّعُ الوَارِثُ بِإِرْثِ مُوَرِّثهِ في الدُّنْيَا.

خامساً: طَلَبَ المَغْفِرَةَ مِنَ اللهِ تعالى لِأَبِيهِ، لِأَنَّهُ وَعَدَ أَبَاهُ بِذَلِكَ: ﴿سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيَّاً﴾. وَلَكِنْ لَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ للهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ.

سادساً: ثُمَّ سَأَلَ مَوْلَاهُ تعالى أَنْ يُجِيرَهُ مِنَ الخِزْيِ وَالهَوَانِ يَوْمَ القِيَامَةِ ﴿يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾.

وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ شِدَّةِ خَوْفِهِ مِنَ اللهِ تعالى، مَعَ أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْصُومٌ.

وبناء على ذلك:

فَالمَقْصُودُ بِالحُكْمِ مِنْ دُعَاءِ سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، العِلْمُ وَالمَعْرِفَةُ وَالفَهْمُ عَنِ اللهِ تعالى، حَتَّى يَضَعَ كُلَّ أَمْرٍ مِنَ الأُمُورِ في مَحَلِّهِ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
1245 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  التفسير وعلوم القرآن

 السؤال :
 2023-08-07
 238
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾؟
رقم الفتوى : 12669
 السؤال :
 2023-03-23
 1443
مَا هِيَ النَّارُ الكُبْرَى المُشَارُ إِلَيْهَا في قَوْلِهِ تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى* ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾؟
رقم الفتوى : 12465
 السؤال :
 2023-03-23
 628
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾؟
رقم الفتوى : 12464
 السؤال :
 2023-01-30
 1680
مَا هُوَ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾؟
رقم الفتوى : 12370
 السؤال :
 2022-08-03
 1435
مَا المَقْصُودُ بِالخَيْطِ الأَبْيَضِ وَالخَيْطِ الأَسْوَدِ في قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾؟
رقم الفتوى : 12087
 السؤال :
 2022-07-20
 954
يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا﴾. كَيْفَ يَكُونُ الإِيذَاءُ للهِ تعالى، وَحَاشَاهُ أَنْ يَصِلَ لَهُ ضُرٌّ مِنَ الخَلْقِ؟
رقم الفتوى : 12068

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3161
المكتبة الصوتية 4797
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414286260
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :