تقسيط دين الميت

9076 - تقسيط دين الميت

13-08-2018 2257 مشاهدة
 السؤال :
 2018-08-13
مات والدي رَحِمَهُ اللهُ تعالى، وترك ديوناً، فهل يجوز أن نسدد ديونه بالتقسيط، إذا رضي الدائنون؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 9076
 2018-08-13

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَحُقُوقُ العِبَادِ أَمْرُهَا عَظِيمٌ، وَخَطَرُهَا كَبِيرٌ، وَتُؤْذِي المَدِينَ حَتَّى في قَبْرِهِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «نَفْسُ المُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ» رواه الترمذي والحاكم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ إِلَّا الدَّيْنَ» رواه الإمام مسلم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

وَللحَدِيثِ الذي رواه الإمام أحمد عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: تُوُفِّيَ رَجُلٌ فَغَسَّلْنَاهُ، وَحَنَّطْنَاهُ، وَكَفَّنَّاهُ، ثُمَّ أَتَيْنَا بِهِ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي عَلَيْهِ، فَقُلْنَا: تُصَلِّي عَلَيْهِ؟

فَخَطَا خُطَىً، ثُمَّ قَالَ: «أَعَلَيْهِ دَيْنٌ؟».

قُلْنَا: دِينَارَانِ، فَانْصَرَفَ، فَتَحَمَّلَهُمَا أَبُو قَتَادَةَ، فَأَتَيْنَاهُ، فَقَالَ أَبُو قَتَادَةَ: الدِّينَارَانِ عَلَيَّ.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «حَقُّ الْغَرِيمِ، وَبَرِئَ مِنْهُمَا المَيِّتُ؟».

قَالَ: نَعَمْ، فَصَلَّى عَلَيْهِ.

ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ بِيَوْمٍ: «مَا فَعَلَ الدِّينَارَانِ؟».

فَقَالَ: إِنَّمَا مَاتَ أَمْسِ.

قَالَ: فَعَادَ إِلَيْهِ مِنَ الْغَدِ، فَقَالَ: لَقَدْ قَضَيْتُهُمَا.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الْآنَ بَرَدَتْ عَلَيْهِ جِلْدُهُ».

لِذَا نَصَّ الفُقَهَاءُ بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الوَرَثَةِ أَنْ يُبَادِرُوا بِقَضَاءِ دَيْنِ مُوَرِّثِهِمْ في أَقْرَبِ وَقْتٍ مُمْكِنٍ، حَتَّى يَبْرُدَ جِلْدُ المَدِينِ في قَبْرِهِ، وَخَاصَّةً إِذَا كَانَ المَيْتُ تَرَكَ مَالَاً، فَلِمَاذَا التَّأْخِيرُ في سَدَادِ دُيُونِهِ؟ وَلِمَاذَا تَقْسِيطُ الدَّيْنِ الذي عَلَيْهِ مَا دَامَ المَالُ مَوْجُودَاً؟

أَمَّا إِذَا كَانَ المَالُ غَيْرَ مَوْجُودٍ، أَو يَتَعَذَّرُ سَدَادُ الدَّيْنِ عَنْهُ لِظُرُوفٍ قَاهِرَةٍ، فَلَا حَرَجَ في تَقْسِيطِ الدُّيُونِ، مَعَ الحِرْصِ عَلَى تَعْجِيلِ قَضَائِهَا.

وبناء على ذلك:

فَإِذَا كَانَ وَالِدُكَ قَدْ تَرَكَ مَالَاً فَعَجِّلْ في سَدَادِ دُيُونِهِ، وَلَا تُقَسِّطْهَا أَقْسَاطَاً، وَلَو بِرِضَا الدَّائِنِ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الْآنَ بَرَدَتْ عَلَيْهِ جِلْدُهُ».

فَالقَبْرُ يُحْمَى عَلَى المَدِينِ حَتَّى يُسَدَّدَ الدَّيْنُ الذي عَلَيْهِ، وَلَا يَكْفِي ضَمَانُ الدَّيْنِ عَنِ المَدِينِ للدَّائِنِ، إِلَّا بِقَضَاءِ الدَّيْنِ الذي عَلَيْهِ.

وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَتْرُكْ مَالَاً، وَأَرَدْتَ أَنْ تُسَدِّدَ عَنْهُ الدَّيْنَ بِالأَقْسَاطِ، فَهَذَا مِنَ البِرِّ بِوَالِدِكَ، لِأَنَّهُ شَرْعَاً لَا يَجِبُ عَلَيْكَ، وَلَكِنْ مِنَ البِرِّ أَنْ تَقْضِيَ عَنْهُ دُيُونَهُ.

وَكَذَلِكَ إِنْ تَرَكَ وَالِدُكَ مَالَاً، وَهُنَاكَ عَقَبَاتٌ في سَدَادِ الدَّيْنِ، فَلَا حَرَجَ مِنْ سَدَادِهَا بِالأَقْسَاطِ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
2257 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  القرض

 السؤال :
 2019-03-22
 669
إذا أقرضت إنساناً مبلغاً من المال، وكان مبلغاً كبيراً، هل يجوز لي أن أشترط عليه مقابل ذلك أن يقدم لي هدية معينة؟
رقم الفتوى : 9567
 السؤال :
 2018-11-13
 2040
أمي أقرضت أخي قطعة من الذهب منذ عشر سنوات، واتفق معها على أن يرد لها ثمن الذهب، يعني بمقدار قيمته في ذلك الوقت، والآن ماتت أمي، فهل حقنا عند أخينا ذهب، أم قيمته يوم القرض؟
رقم الفتوى : 9286
 السؤال :
 2013-12-26
 34082
هل صحيح أن الأجر على القرض الحسن أفضل عند الله تعالى من الأجر على الصدقة؟
رقم الفتوى : 6058
 السؤال :
 2013-02-12
 12929
عليَّ ديون كثيرة، والله يشهد أنِّي أريد سدادها، وأسرتي كبيرة، فهل أقدم سداد الدَّين أم النفقة على الأسرة؟
رقم الفتوى : 5748
 السؤال :
 2012-11-12
 58245
لي مبلغ من المال عند صديق لي، وبعد فترة من المطالبة حولني صديقي إلى رجل غيره لدفع المال، وقبلت منه هذا التحويل، فهل من حقي أن أطالب الاثنين بالدين حتى أسترد حقي؟
رقم الفتوى : 5634
 السؤال :
 2012-07-29
 50705
هل يجب على المدين سداد الدَّين المؤجل إذا كان المدين موسراً؟
رقم الفتوى : 5479

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3153
المكتبة الصوتية 4762
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 411945898
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :