الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَلَا خِلَافَ بَيْنَ الفُقَهَاءِ في أَنَّ اشْتِرَاطَ الزِّيَادَةِ في بَدَلِ القَرْضِ للمُقْرِضِ مُفْسِدٌ لِعَقْدِ القَرْضِ، لِأَنَّ كُلَّ زِيَادَةٍ عَلَى القَرْضِ رِبًا، وَذَلِكَ للقَاعِدَةِ التي تَقُولُ: كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ نَفْعَاً فَهُوَ رِبًا.
لِأَنَّ المَقْصُودَ بِالقَرْضِ الحَسَنِ هُوَ الرِّفْقُ بِصَاحِبِ الحَاجَةِ، وَالتَّقَرُّبُ إلى اللهِ تعالى طَمَعَاً بِالأَجْرِ مِنْهُ تَبَارَكَ وتعالى، فَإِذَا اشْتَرَطَ المُقْرِضُ زِيَادَةً، أَو طَلَبَ عَلَى قَرْضِهِ هَدِيَّةً، أَفْسَدَ عَقْدَهُ، وَكَانَ مُرَابِيَاً.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَالقَرْضُ الحَسَنُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ خَالِصَاً لِوَجْهِ اللهِ تعالى، وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ تَقْدِيمِ هَدِيَّةٍ مَعَ قَرْضِهِ، لِأَنَّ هَذَا عَيْنُ الرِّبَا، وَيَكْفِي المُقْرِضَ أَنَّهُ تَقَرَّبَ إلى اللهِ تعالى بِتَفْرِيجِ كَرْبٍ عَنْ أَخِيهِ «وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ القِيَامَةِ».
وَلَكِنْ إِذَا قَدَّمَ المُسْتَقْرِضُ هَدِيَّةً للمُقْرِضِ بِدُونِ شَرْطٍ مَلْفُوظٍ أَو مَلْحُوظٍ، لَا بَأْسَ بِهِ، وَلَكِنَّ الأَفْضَلَ أَنْ يَتَوَرَّعَ المُقْرِضُ عَنْ قَبُولِ الهَدِيَّةِ إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ يُعْطِيهِ لِأَجْلِ القَرْضِ، وَخَاصَّةً إِذَا كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ إِعَادَةِ القَرْضِ، لِأَنَّهُ قَدْ يُحْرِجُهُ إِذَا تَأَخَّرَ عَنْ سَدَادِ مَا عَلَيْهِ. هذا، والله تعالى أعلم.