لماذا حب سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟

9177 - لماذا حب سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟

28-09-2018 8786 مشاهدة
 السؤال :
أنا والله أحب سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حباً لا يمكن أن يتصوره إنسان، ولكن أحب أن أعلم لماذا يجب على المؤمن أن يحب سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أكثر من حب الخلق أجمعين؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 9177
 2018-09-28

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: لَقَدْ أَوْجَبَ عَلَيْنَا رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ طَاعَةَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ طَاعَةً مُطْلَقَةً، بِدُونِ قَيْدٍ وَلَا شَرْطٍ، قَالَ تعالى: ﴿وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ﴾.

وَحَذَّرَنَا رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ مِنْ مُخَالَفَةِ أَمْرِهِ، فَقَالَ تعالى: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾.

ثانياً: إِيمَانُ العَبدِ لَا يَتِمُّ وَلَا يَكْتَمِلُ إِلَّا بِحُبِّ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرَ مِنْ حُبِّ الوَالِدِ وَالوَلَدِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، بَلْ أَكْثَرَ مِنْ حُبِّ الذَّاتِ، روى الشيخان عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ».

وروى الإمام البخاري عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ هِشَامٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا مِنْ نَفْسِي.

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ».

فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: فَإِنَّهُ الآنَ، وَاللهِ، لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي.

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الآنَ يَا عُمَرُ».

ثالثاً: وَأَمَّا سَبَبُ حُبِّ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرَ مِنْ حُبِّ العَبْدِ لِنَفْسِهِ وَلِوَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، فَهُوَ أَمْرٌ تَكْلِيفِيٌّ مِنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُبَلِّغٌ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ.

وَكَيْفَ لَا يُحِبُّ المُؤْمِنُ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرَ مِنْ نَفْسِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، وَاللهُ تعالى يَقُولُ: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾؟

كَيْفَ لَا يَكُونُ هَذَا، وَمَا مِن خَيْرٍ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ يُصِيبُ العَبْدَ المُؤْمِنَ إِلَّا عَنْ طَرِيقِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟

كَيْفَ لَا يَكُونُ هَذَا، وَلَوْلَاهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَكُنَّا في كُفْرٍ وَشِرْكٍ وَجَهْلٍ، فَبِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَخْرَجَنَا اللهُ تعالى مِنَ الظُّلُمَاتِ إلى النُّورِ، وَمِنَ الضَّلَالِ إلى الهُدَى، وَمِنَ الشَّقَاءِ إلى السَّعَادَةِ، فَكُنَّا بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ خَيْرَ الأُمَمِ؟

كَيْفَ لَا يَكُونُ هَذَا، وَفَلَاحُنَا وَنَجَاحُنَا يَوْمَ القِيَامَةِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى إِيمَانِنَا بِهِ، وَمَحَبَّتِهِ، وَلُزُومِ طَاعَتِهِ، وَعَلَى شَفَاعَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟

وبناء على ذلك:

فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ ـ وَمُؤْمِنَةٍ ـ أَنْ يُحِبَّ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرَ مِنْ نَفْسِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لِأَنَّ اللهَ تعالى أَخْرَجَنَا بِهِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إلى النُّورِ، وَلِأَنَّهُ كَانَ سَبَبَاً لِبَقَائِنَا في النَّعِيمِ السَّرْمَدِيِّ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَلِأَنَّهُ كَانَ رَحْمَةً بِنَا في جَمِيعِ العَوَالِمِ، وَهُوَ أَرْحَمُ بِنَا مِنْ أَنْفُسِنَا، بِشَهَادَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾.

وَلِأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَا تَرَكَ أَمْرَاً يُقَرِّبُنَا مِنَ اللهِ تعالى إِلَّا بَيَّنَهُ لَنَا وَأَمَرَنَا بِهِ، وَمَا تَرَكَ أَمْرَاً يُبْعِدُنَا عَنِ اللهِ تعالى إِلَّا بَيَّنَهُ لَنَا وَحَذَّرَنَا مِنْهُ، وَنَهَانَا عَنْهُ.

فَسَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَعْظَمُ الخَلَائِقِ مِنَّةً عَلَى كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ هَذِهِ الأُمَّةِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَصِلْ إِلَيْهِمْ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ، وَلَا انْدَفَعَ عَنْهُمْ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ شَرٍّ، إِلَّا عَلَى يَدَيْهِ الشَّرِيفَتَيْنِ وَبِسَبَبِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

وَهُوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حَرِيصٌ عَلَيْنَا حِرْصَاً لَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَصَوَّرَهُ عَقْلٌ، روى الإمام البخاري عَن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُ النَّاسِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نَارَاً، فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ جَعَلَ الفَرَاشُ وَهَذِهِ الدَّوَابُّ الَّتِي تَقَعُ فِي النَّارِ يَقَعْنَ فِيهَا، فَجَعَلَ يَنْزِعُهُنَّ وَيَغْلِبْنَهُ فَيَقْتَحِمْنَ فِيهَا، فَأَنَا آخُذُ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ، وَهُمْ يَقْتَحِمُونَ فِيهَا».

وروى الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى».

قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَنْ يَأْبَى؟

قَالَ: «مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى».

اللَّهُمَّ اجْعَلْ حُبَّهُ إلى قُلُوبِنَا أَحَبَّ إِلَيْنَا مِنْ آبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا وَأَبْنَائِنَا، وَأَحَبَّ إِلَيْنَا مِنَ المَاءِ البَارِدِ عَلَى الظَّمَأِ. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.

 

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
8786 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مسائل فقهية متنوعة

 السؤال :
 2023-12-29
 1125
اتَّصَلَتِ امْرَأَةٌ بِمُدِيرِهَا تُبَارِكُ لَهُ بِمَوْلُودٍ جَاءَهُ، فَرَدَّ عَلَيْهَا وَأَخْبَرَهَا أَنَّهُ يُحِبُّهَا مُنْذُ أَنْ عَرَفَهَا، وَطَلَبَ مِنْهَا أَنْ يَزُورَهَا في زِيَارَةً خَاصَّةً، فَمَاذَا تَفْعَلُ، وَهِيَ امْرَأَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ وَمُحَافِظَةٌ؟
رقم الفتوى : 12878
 السؤال :
 2023-12-29
 208
لَقَدْ دَعَانَا الإِسْلَامُ إلى العَفْوِ وَالصَّفْحِ عَنِ المُسِيءِ، أَلَا تَرَى في ذَلِكَ ضَيَاعًا لِكَرَامَةِ الإِنْسَانِ؟
رقم الفتوى : 12876
 السؤال :
 2023-12-11
 574
أَنَا طَالِبُ عِلْمٍ، وَأَدْرُسُ الشَّرِيعَةَ، وَلَكِنَّ نَظْرَةَ المُجْتَمَعِ وَالأَقَارِبِ نَظْرَةٌ دُونِيَّةٌ، وَيَقُولُونَ: إِنَّنِي إِنْسَانٌ مُتَخَلِّفٌ، وَيُسْمِعُونِي كَلَامًا جَارِحًا، وَوَالِدِي مِنْ أَهْلِ العِلْمِ، يَرَى الأَخْطَاءَ، فَأَقُولُ لَهُ: قَدِّمِ النُّصْحَ لَهُمْ، فَيَقُولُ: لَا شَأْنَ لَنَا مَعَ أَحَدٍ، فَبِمَ تَنْصَحُنِي؟
رقم الفتوى : 12849
 السؤال :
 2023-07-13
 2794
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ مُعَلِمَ الصِّبْيَانِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؟
رقم الفتوى : 12644
 السؤال :
 2023-07-13
 1236
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ المَحْرُومَ مِنَ الوَلَدِ إِذَا لَازَمَ الاسْتِغْفَارَ يُكْرِمُهُ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ بِذُرِّيَّةٍ صَالِحَةٍ؟
رقم الفتوى : 12642
 السؤال :
 2023-03-25
 7464
امْرَأَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ، ارْتَكَبَتْ جَرِيمَةَ الزِّنَا، وَتُرِيدُ أَنْ تَتُوبَ إلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَهَلْ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَطْلُبَ الطَّلَاقَ مِنْ زَوْجِهَا، وَتَتَزَوَّجَ مِنَ الزَّانِي بِهَا، لَعَلَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقْبَلُ تَوْبَتَهَا؟
رقم الفتوى : 12474

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3160
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 412883423
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :