الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَرَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ قَالَ في كِتَابِهِ العَظِيمِ: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ﴾. ثُمَّ اسْتَثْنَى بَعْضَ الأَصْنَافِ مِنَ الرِّجَالِ المَحَارِمِ عَدَا الزَّوْجِ، فَقَالَ: ﴿إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَـضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعَاً أَيُّهَ المُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾.
وَيَقُولُ سَيِّدُنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: الزِّينَةُ زِينَتَانِ: زِينَةٌ ظَاهِرَةٌ، وَزِينَةٌ بَاطِنَةٌ لَا يَرَاهَا إِلَّا الزَّوْجُ، وَأَمَّا الزِّينَةُ الظَّاهِرَةُ: فَالثِّيَابُ، وَأَمَّا الزِّينَةُ الْبَاطِنَةُ: فَالْكُحْلُ، وَالسِّوَارُ، وَالْخَاتَمُ. رواه ابن أبي شيبة.
وَالمِكْيَاجُ مِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ بِأَنَّهُ مِنَ الزِّينَةِ، فَلَا يَجُوزُ إِبْدَاؤُهُ أَمَامَ الرِّجَالِ الأَجَانِبِ.
وبناء على ذلك:
فَيَحْرُمُ عَلَى زَوْجَتِكَ أَنْ تَخْرُجَ إلى الشَّارِعِ بِالمِكْيَاجِ وَلَو كَانَ يَسِيرَاً، لِأَنَّهُ مِنَ الزِّينَةِ، وَالزِّينَةُ يَجِبُ سَتْرُهَا أَمَامَ الرِّجَالِ الأَجَانِبِ، وَعِنْدَمَا حَرَّمَ اللهُ تعالى إِبْدَاءَ الزِّينَةِ أَمَامَ الرِّجَالِ الأَجَانِبِ لَمْ يُقَيِّدْ ذَلِكَ بِقِلَّةٍ أَو بِكَثْرَةٍ.
وَيَجِبُ عَلَيْكَ أَنْ تَمْنَعَهَا مِنْ ذَلِكَ، لِأَنَّكَ مَسْؤُولٌ عَنْهَا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ تعالى، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارَاً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾.
وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» ثُمَّ عَدَّ مِنْهَا: «وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» رواه الشيخان عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |