الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَالبيَانُو وَالعُودُ مِنْ آلَاتِ العَزْفِ، وَهُمَا مَشْمُولَتَانِ في النُّصُوصِ التي جَاءَتْ في تَحْرِيمِ المَعَازِفِ، وَتَحْرِيمِ سَمَاعِهَا.
روى الإمام البخاري عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ، يَسْتَحِلُّونَ الحِرَ وَالحَرِيرَ، وَالخَمْرَ وَالمَعَازِفَ».
وَمَعْنَى يَسْتَحِلُّونَ الحِرَ وَالحَرِيرَ وَالخَمْرَ وَالمَعَازِفَ: أَنَّ الأَصْلَ فِيهَا التَّحْرِيمُ، وَكَلِمَةُ: لَيَكُونَنَّ تُفِيدُ مَا سَيَكُونُ في المُسْتَقْبَلِ، وَالمَعْنَى: أَنَّهُ سَيَأْتِي أُنَاسٌ يَسْتَحِلُّونَ وَيُبِيحُونَ لِأَنْفُسِهِمْ مَا كَانَ مُحَرَّمَاً مِنْ حِرٍ وَحَرِيرٍ وَمَعَازِفَ.
وروى الترمذي عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «فِي هَذِهِ الأُمَّةِ خَسْفٌ وَمَسْخٌ وَقَذْفٌ».
فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَتَى ذَاكَ؟
قَالَ: «إِذَا ظَهَرَتِ القَيْنَاتُ وَالمَعَازِفُ وَشُرِبَتِ الخُمُورُ».
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَلَا يَجُوزُ العَزْفُ عَلَى البيَانُو وَلَا عَلَى العُودِ، سَوَاءٌ بِقَصْدِ التَّسْلِيَةِ، أَو بِقَصْدِ الطَّرَبِ وَالسَّمَاعِ، وَإِذَا أَرَادَ الإِنْسَانُ أَنْ يُرِيحَ نَفْسَهُ فَليَسْمَعِ الأَنَاشِيدَ الهَادِفَةَ الخَالِيَةَ مِنَ المُوسِيقَا، لِأَنَّهُ مِنْ تَمَامِ فَضْلِ اللهِ عَلَيْنَا أَنَّهُ مَا حَرَّمَ عَلَيْنَا شَيْئَاً إِلَّا جَعَلَ مُقَابِلَهُ مِنَ المُبَاحِ مَا يُغْنِي عَنِ الحَرَامِ.
وَدَائِرَةُ الحَلَالِ وَاسِعَةٌ وَكَبِيرَةٌ وَللهِ الحَمْدُ، وَلَا يَجُوزُ الخُرُوجُ مِنْهَا إلى مَا حَرَّمَ اللهُ تعالى. هذا، والله تعالى أعلم.