الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَالسَّيِّدَةُ خَدِيجَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَبْلَ زَوَاجِهَا المَيْمُونِ مِنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، كَانَتْ مُتَزَوِّجَةً مِنْ أَبِي هَالَةَ بْنِ زُرَارَةَ، عَاشَتْ مَعَهُ فَتْرَةً قَصِيرَةً وَرُزِقَتْ مِنْهُ بِوَلَدَيْنِ ذَكَرَيْنِ، هِنْدٍ، وَهَالَةَ، ثُمَّ تُوُفِّيَ.
ثُمَّ تَزَوَّجَتْ مِنْ بَعْدِهِ بِعَتِيقِ بْنِ عَائِذٍ المَخْزُومِيِّ، ثُمَّ تُوُفِّيَ عَنْهَا بَعْدَ أَنْ رُزِقَتْ مِنْهُ بِبِنْتٍ اسْمُهَا هِنْدٌ كَذَلِكَ.
وَعَاشَتْ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا مَعَ أَوْلَادِهَا هِنْدٍ وَهَالَةَ ابْنَيْ أَبِي هَالَةَ، وَهِنْدٍ بِنْتِ عَتِيقِ بْنِ عَائِذٍ المَخْزُومِيِّ.
أَمَّا هِنْدُ بْنُ أَبِي هَالَةَ فَقَدْ عَاشَ مَعَ أُمِّهِ السَّيِّدَةِ خَدِيجَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، وَحِينَمَا تَزَوَّجَتْ مِنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُفَارِقْهَا، وَتَرَبَّى في حِجْرِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ يُبَاهِي أَنَّهُ رَبِيبُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَتَأَثَّرَ بِأَخْلَاقِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ الذي نُقِلَت عَنْهُ صِفَاتُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
وَشَارَكَ في غَزْوَةِ أُحُدٍ مَعَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ رَوَى ابْنُ حَجَرٍ في الإِصَابَةِ بِسَنَدِهِ، أَنَّ هِنْدَاً قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ نَزَعْتَ ابْنَتَكَ عَنْ عُتَيْبَةَ ـ يَعْنِي ابْنَ أَبِي لَهَبٍ ـ حَتَّى حَرَّشْتَهُ عَلَيْكَ.
قَالَ: «إِنَّ اللهَ أَبَى لِيَ أَنْ أَتَزَوَّجَ أَو أُزَوِّجَ إِلَّا أَهْلَ الجَنَّةِ».
وَأَمَّا هَالَةُ بْنُ أَبِي هَالَةَ فَكَانَ لَهُ صُحْبَةٌ مَعَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، أَخْرَجَ الحاكم والطَّبَرَانِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ هَالَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ رَاقِدٌ، فَاسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَضَمَّ هَالَةَ إِلَى صَدْرِهِ وَقَالَ: «هَالَةُ هَالَةُ هَالَةُ» كَأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ سُرَّ بِهِ لِقَرَابَتِهِ مِنْ خَدِيجَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا.
وَأَمَّا هِنْدُ بِنْتُ عَتِيقِ بْنِ عَائِذٍ المَخْزُومِيِّ فَقَدْ عَاشَتْ مَعَ أُمِّهَا السَّيِّدَةِ خَدِيجَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا إلى أَنْ بَلَغَتْ سِنَّ الزَّوَاجِ، فَتَزَوَّجَهَا ابْنُ عَمِّهَا صَفِيُّ بْنُ أُمَيَّةَ، فَوَلَدَتْ لَهُ مُحَمَّدَاً، وَقَدْ عَاشَ مُحَمَّدٌ وَكَانَتْ لَهُ ذُرِّيَّةٌ في المَدِينَةِ المُنَوَّرَةِ، وَكَانَ يُطْلَقُ عَلَى ذُرِّيَّتِهِ بَنُو الطَّاهِرَةِ، لِمَا كَانَتْ تَتَمَتَّعُ بِهِ جَدَّتُهُمْ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا مِنْ صِفَاتٍ عَظِيمَةٍ.
أَمَّا بَنَاتُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنَ السَّيِّدَةِ خَدِيجَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، فَهُنَّ السَّيِّدَةُ زَيْنَبُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، وَالسَّيِّدَةُ رُقَيَّةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، وَالسَّيِّدَةُ أُمُّ كُلْثُومٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، وَالسَّيِّدَةُ فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، وَكُلُّهُنَّ أَدْرَكْنَ الإِسْلَامَ، وَهَاجَرْنَ إلى المَدِينَةِ المُنَوَّرَةِ، وَالسَّيِّدَةُ رُقَيَّةُ هَاجَرَتِ الهِجْرَتَيْنِ.
أَمَّا أَوْلَادُهُ الذُّكُورُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنَ السَّيِّدَةِ خَدِيجَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، فَهُمُ سَيِّدُنَا القَاسِمُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَهُوَ الذي بِهِ يُكَنَّى سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَسَيِّدُنَا عَبْدُ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَيُقَالُ لَهُ الطَّاهِرُ وَالطَّيِّبُ.
وَأَمَّا سَيِّدُنَا إِبْرَاهِيمُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَقَدْ كَانَ مِنَ السَّيِّدَةِ مَارِيَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، وَجَمِيعُ أَبْنَائِهِ الذُّكُورِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ مَاتُوا صِغَارَاً. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |