الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَعِنْدَمَا نَزَلَتْ آيَةُ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ المُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللهُ غَفُورَاً رَحِيمَاً﴾. وَنَزَلَ قَوْلُهُ تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعَاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ﴾. وَعِنْدَمَا قَالَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ» رواه الشيخان عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
هَلْ فَرَّقَ بَيْنَ ذَاتِهِ الشَّرِيفَةِ وَسَائِرِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ؟
فَالمَرْأَةُ وَخَاصَّةً في زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الْتَزَمَتْ بِالسَّتْرِ أَمَامَ غَيْرِ مَحَارِمِهَا مِنَ الرِّجَالِ الأَجَانِبِ، وَهَذَا حُكْمٌ عَامٌّ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِهِ مِنَ الرِّجَالِ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَمِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّ نِسَاءَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُنَّ كُنَّ يَحْتَجِبْنَ مِنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، كَمَا يَحْتَجِبْنَ مِنْ بَقِيَّةِ الرِّجَالِ غَيْرِ مَحَارِمِهِنَّ.
وَإِنَّهُ لَمِنَ العَجِيبِ في زَمَانِنَا هَذَا أَنَّ الحِجَابَ صَارَ لَا قِيمَةَ لَهُ، وَاجْتَرَأَتِ المَرْأَةُ عَلَى هَتْكِ حِجَابِهَا، إِلَّا أَنَّهَا عِنْدَمَا تُدْفَنُ في قَبْرِهَا يَجْتَمِعُ حَوْلَ قَبْرِهَا رِجَالُهَا المَحَارِمُ وَيَسْتُرُونَ القَبْرَ حَتَّى لَا تُرَى وَهِيَ في كَفَنِهَا، وَلَكِنْ عِنْدَمَا تَكُونُ حَيَّةً لَا يَهُمُّ الكَثِيرَ مِنْ مَحَارِمِهَا هَتْكُ حِجَابِهَا إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللهُ تعالى. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |