الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَدِ اتَّفَقَ الفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ تَقْدِيمَ الفِطْرِ وَتَأْخِيرَ السُّحُورِ مِنَ السُّنَّةِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الإِفْطَارَ، وَأَخَّرُوا السُّحُورَ».
فَيُسَنُّ تَأْخِيرُ السُّحُورِ مَا لَمْ يُخْشَ طُلُوعُ الفَجْرِ الصَّادِقِ، كَمَا يُسْتَحَبُّ الإِمْسَاكُ عَنِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ قَبْلَ أَذَانِ الفَجْرِ بِمِقْدَارِ قِرَاءَةِ خَمْسِينَ آيَةً مِنَ القُرْآنِ الكَرِيمِ، وَذَلِكَ لِمَا رُوِي عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: تَسَحَّرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ.
قُلْتُ: كَمْ كَانَ بَيْنَ الأَذَانِ وَالسَّحُورِ؟
قَالَ: قَدْرُ خَمْسِينَ آيَةً.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَيُسْتَحَبُّ الإِمْسَاكُ عَنِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ للصَّائِمِ قَبْلَ أَذَانِ الفَجْرِ بِمِقْدَارِ خَمْسِينَ آيَةً، أَيْ مَا يُقَارِبُ دَقَائِقَ. هذا، والله تعالى أعلم.