العمل مع رجل ملحد

9874 - العمل مع رجل ملحد

08-08-2019 2443 مشاهدة
 السؤال :
هَلْ يَجُوزُ شَرْعَاً العَمَلُ مَعَ رَجُلٍ مُلْحِدٍ يُنْكِرُ وُجُودَ اللهِ تعالى؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 9874
 2019-08-08

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: تَذَكَّرْ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدَاً رَجُلَاً يَفْتَحُ اللهُ عَلَى يَدَيْهِ».

قَالَ: فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَاهَا.

فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ غَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، كُلُّهُمْ يَرْجُو أَنْ يُعْطَاهَا، فَقَالَ: «أَيْنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ؟».

فَقَالُوا: يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ يَا رَسُولَ اللهِ.

قَالَ: «فَأَرْسِلُوا إِلَيْهِ فَأْتُونِي بِهِ».

فَلَمَّا جَاءَ بَصَقَ فِي عَيْنَيْهِ وَدَعَا لَهُ، فَبَرَأَ حَتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ، فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ.

فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ اللهِ، أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا؟

فَقَالَ: «انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلَامِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللهِ فِيهِ، فَوَاللهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللهُ بِكَ رَجُلَاً وَاحِدَاً، خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ» رواه الإمام البخاري عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَتَذَكَّرْ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ﴾.

ثانياً: العَمَلُ المُبَاحُ، وَالمَأْذُونُ بِهِ شَرْعَاً لَا حَرَجَ فِيهِ مَعَ أَيِّ إِنْسَانٍ كَانَ، وَخَاصَّةً إِذَا كَانَ العَامِلُ مُؤَثِّرَاً لَا مُتَأَثِّرَاً مِنْ سَلْبِيَّاتِ الآخَرِينَ.

ثالثاً: إِقَامَةُ شَعَائِرِ الدِّينِ فَرْضٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، وَإِذَا تَعَارَضَ العَمَلُ مَعَ الفَرَائِضِ الشَّرْعِيَّةِ، فَالفَرَائِضُ هِيَ المُرَجَّحَةُ عِنْدَ المُؤْمِنِ، وَذَلِكَ خَشْيَةَ الوُقُوعِ تَحْتَ قَوْلِهِ تعالى: ﴿بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَإِذَا كَانَ العَامِلُ المُسْلِمُ رَجُلَاً مُسْلِمَاً قَوِيَّاً صُلْبَاً في دِينِهِ مُؤَثِّرَاً فِي غَيْرِهِ غَيْرَ مُتَأَثِّرٍ، يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ مَعَ الرَّجُلِ المُلْحِدِ، لَعَلَّ اللهَ تعالى أَنْ يَهْدِيَ هَذَا الرَّجُلَ إلى جَادَّةِ الصَّوَابِ.

وَبِشَرْطِ أَنْ يُمَارِسَ عِبَادَاتِهِ عَلَى أَكْمَلِ وَجْهٍ، وَخَاصَّةً بِالنِّسْبَةِ للصَّلَاةِ وَأَنْ لَا يَكُونَ العَمَلُ فِيهِ مُحَرَّمٌ، وَأَنْ لَا يَكُونَ مُتَأَثِّرَاً مِنْهُ إِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُؤَثِّرَ فِيهِ، وَإِلَّا فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ العَمَلُ، لِأَنَّ دَرْءَ المَفَاسِدِ مُقَدَّمٌ عَلَى جَلْبِ المَصَالِحِ، وَمَنْ تَرَكَ شَيْئَاً للهِ عَوَّضَهُ اللهُ خَيْرَاً مِنْهُ. هذا، والله تعالى أعلم.

2443 مشاهدة
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مسائل متفرقة في الحظر والإباحة

 السؤال :
 2023-12-29
 172
زَوْجَتِي صَاحِبَةُ دِينٍ وَخُلُقٍ، إِلَّا أَنَّهَا عِنْدَمَا تَتَحَدَّثُ مَعَ زُمَلَائِهَا في العَمَلِ تُمَازِحُهُمْ، وَتَضْحَكُ إِلَيْهِمْ، وَقَدْ قَدَّمْتُ لَهَا النُّصْحَ، وَلَكِنْ بِدُونِ جَدْوَى، فَمَاذَا أَفْعَلُ؟
 السؤال :
 2023-12-29
 638
بِسَبَبِ الظُّرُوفِ القَاهِرَةِ في بَلَدِنَا، اضْطُرِرْنَا للسَّفَرِ خَارِجَ القُطْرِ مَعَ زَوْجِي وَأَخِيهِ وَزَوْجَتِهِ، فَمَا الحُكْمُ الشَّرْعِيُّ في السَّكَنِ سَوِيَّةً في مَنْزِلٍ وَاحِدٍ؟
 السؤال :
 2023-12-29
 323
أَنَا أَهْوَى الرَّسْمَ، وَأَعْلَمُ أَنَّ رَسْمَ ذِي رُوحٍ لَا يَجُوزُ، وَلَكِنْ هَلْ يَجُوزُ أَنْ أَرْسُمَ صُورَةَ إِنْسَانٍ مِنْ خَلْفِهِ؟
 السؤال :
 2023-12-29
 188
مَا حُكْمُ الشَّرْعِ في إِقَامَةِ المَرْأَةِ المُسْلِمَةِ في البِلَادِ الغَرْبِيَّةِ؟
 السؤال :
 2023-03-25
 636
مَا الحُكْمُ الشَّرْعِيُّ في تَعْلِيقِ الخَرَزَةِ الزَّرْقَاءِ، المَرْسُومِ عَلَيْهَا عَيْنٌ، مِنْ أَجْلِ الوِقَايَةِ مِنْ عَيْنِ الحَاسِدِ؟
 السؤال :
 2023-03-10
 851
مَا الحُكْمُ الشَّرْعِيُّ بِتَبَرُّعِ الأَعْضَاءِ بِدُونِ مُقَابِلٍ؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3160
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 413109480
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :