الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَقُولُ اللهُ تعالى: ﴿وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ﴾.
وَالأَنْعَامُ هِيَ الإِبِلُ وَالبَقَرُ وَالغَنَمُ، وَيُلْحَقُ بِالغَنَمِ المَاعِزُ، وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الفُقَهَاءِ.
وَالدَّجَاجُ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الطُّيُورِ التي يُبَاحُ أَكْلُهَا بِاتِّفَاقِ العُلَمَاءِ.
وَنَصَّ الفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الحَيَوَانَ الذي يُبَاحُ أَكْلُهُ، يُبَاحُ أَكْلُ جَمِيعِ أَجْزَائِهِ، إِلَّا إِذَا وَرَدَ نَصٌّ بِاسْتِثْنَاءِ جُزْءٍ مِنْهُ، أَو ثَبَتَ ضَرَرُهُ، فَيُمْنَعُ مِنْ أَكْلِهِ، للقَاعِدَةِ: لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ، وَدَرْءُ المَفَاسِدِ مُقَدَّمٌ عَلَى جَلْبِ المَصالِحِ.
وَجَاءَ في المُدَوَّنَةِ: وَمَا أُضِيفَ إلى اللَّحْمِ مِنْ شَحْمٍ وَكَبِدٍ وَكِرْشٍ وَقَلْبٍ وَرِئَةٍ وَطُحَالٍ وَكِلًى وَحُلْقُومٍ وَخِصًى وَكُرَاعٍ وَرَأْسٍ وَشَبَهِهِ فَلَهُ حُكْمُ اللَّحْمِ.
وَكَذَلِكَ نَصَّ الفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ تذْكِيَةَ الحَيَوَانِ المَأْكُولِ اللَّحْمِ تَقَعُ عَلَى جَمِيعِ أَجْزَائِهِ، وَيَحِلُّ أَكْلُ الجَمِيعِ إِلَّا مَا وَرَدَ فِيهِ حُكْمٌ خَاصٌّ كَالدَّمِ المَسْفُوحِ، وَالذَّكَرِ، وَالأُنْثَيَيْنِ، وَالقُبُلِ، وَالغُدَّةِ (قِطْعَةُ لَحْمٍ صُلْبَةٌ تَحْدُثُ عَنْ دَاءٍ بَيْنَ الجِلْدِ وَاللَّحْمِ) وَالمَثَانَةِ، وَالمَرَارَةِ، لِمَا روى الطَّبَرَانِيُّ في الأَوْسَطِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَكْرَهُ مِنَ الشَّاةِ سَبْعًا: الْمَرَارَةَ، وَالْمَثَانَةَ، والمحياة، وَالذَّكَرَ، وَالْأُنْثَيَيْنِ، وَالْغُدَّةَ، وَالدَّمَ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَأَكْلُ عِظَامِ الحَيَوَانِ المَأْكُولِ اللَّحْمِ المُذَكَّى ذَكَاةً شَرْعِيَّةً مُبَاحٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ نَهْيٌ عَنْ أَكْلِهِ، إِلَّا إِذَا كَانَ يَضُرُّ بِصِحَّةِ الإِنْسَانِ، عِنْدَهَا يَحْرُمُ أَكْلُهُ، لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |