﴿وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا﴾

12386 - ﴿وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا﴾

06-02-2023 2420 مشاهدة
 السؤال :
مَا مَعْنَى قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا﴾؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 12386
 2023-02-06

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَوْلُهُ تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ﴾. المَقْصُودُ بِهِ كَلَامُ اللهِ تعالى الذي أَنْزَلَهُ عَلَى سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ حَقٌّ لَا يَأْتِيهِ البَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ، وَلَا أَحَدَ يَسْتَطِيعُ نَقْضَهُ.

وَقَوْلُهُ تعالى: ﴿لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ﴾. يُفِيدُ أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ جَاءَ بِالقُرْآنِ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ جَمِيعًا بِهِ، لَا لِيَحْكُمَ بَيْنَ المُؤْمِنِينَ بِهِ فَقَطْ.

وَمِنْ شُرُوطِ الحُكْمِ بَيْنَ النَّاسِ القِيَامُ بِالعَدْلِ فِيمَا يَخْتَصِمُونَ فِيهِ، فَلَا يُقَالُ فِي الخُصُومَاتِ، هَذَا مُسْلِمٌ، وَهَذَا كَافِرٌ، بَلْ يُقَالُ هَذَا حَقٌّ، وَهَذَا بَاطِلٌ، فَإِذَا كَانَ الحَقُّ مَعَ الكَافِرِ فَلَا بُدَّ أَنْ يُدْفَعَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ الحَقُّ مَعَ المُسْلِمِ فَلَا بُدَّ أَنْ يُدْفَعَ لَهُ.

وَقَوْلُهُ تعالى: ﴿وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا﴾. أَيْ: لَا تَكُنْ مُخَاصِمًا لِأَجْلِ الخَائِنِينَ.

وَهَذِهِ الآيَةُ الكَرِيمَةُ لَهَا سَبَبُ نُزُولٍ، ذَلِكَ أَنَّ طُعْمَةَ بْنَ أُبَيْرِق سَرَقَ دِرْعًا وَخَبَّأَهَا عِنْد يَهُودِيٍّ، فَوُجِدَتْ عِنْده، فَرَمَاهُ طُعْمَةُ بِهَا وَحَلَفَ أَنَّهُ مَا سَرَقَهَا، فَسَأَلَ قَوْمُهُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُجَادِلَ عَنْهُ وَيُبْرِّئَهُ، فَنَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا﴾. الحَدِيثَ مُخْتَصَرًا مِنْ سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَالحَقُّ سُبْحَانَهُ وتعالى أَنْزَلَ القُرْآنَ العَظِيمَ بِالحَقِّ، لِيَكُونَ حَاكِمًا عَلَى النَّاسِ، وَفي قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا﴾ تَعْلِيمٌ لِأُمَّتِهِ، وَلِكُلِّ قَاضٍ مِنْ بَعْدِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْحَازَ فِكْرُهُ إلى أَحَدِ الخَصْمَيْنِ، فَعَسَى أَنْ يَكُونَ هُوَ الخَائِنَ وَخَصْمُهُ البَرِيءَ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَسْمَعَ البَيِّنَاتِ، وَيَجْعَلَهَا الحَاكِمَةَ. هذا، والله تعالى أعلم.

2420 مشاهدة
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  فتاوى متعلقة بالقرآن الكريم

 السؤال :
 2025-05-01
 168
كَيْفَ نُوَفِّقُ بَيْنَ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ﴿وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾. وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾. وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ﴾. وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى﴾. آيَةٌ تَقُولُ: ﴿وَلَا يُكَلِّمُهُمُ﴾. وَآيَاتٌ كَثِيرَةٌ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى يُكَلِّمُهُمْ؟
 السؤال :
 2025-03-17
 137
مَا الحُكْمُ الشَّرْعِيُّ فِي خَتْمِ القُرْآنِ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ؟
 السؤال :
 2023-02-25
 1984
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ سُورَةَ الإِخْلَاصِ تَعْدِلُ ثُلُثَ القُرْآنِ؟
 السؤال :
 2023-02-25
 621
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ﴾؟
 السؤال :
 2023-01-30
 1052
يَقُولُ اللهُ تعالى: ﴿وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ * فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ * فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ﴾. وَيَقُولُ تعالى: ﴿وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ * لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ﴾. فَبِأَيِّ الأَمْرَيْنِ تَمَّتْ نَجَاةُ سَيِّدِنَا يُونُسَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنْ بَطْنِ الحُوتِ؟
 السؤال :
 2023-01-30
 847
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿وَاللهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ﴾؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5701
المقالات 3235
المكتبة الصوتية 4880
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 424806103
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :