الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أَوَّلًا: الطِّفْلُ الصَّغِيرُ الَّذِي يَمُوتُ قَبْلَ دُخُولِ سِنِّ الرِّجَالِ، لَمْ يَدْخُلْ سِنَّ التَّكْلِيفِ، وَلَمْ يَجْرِ عَلَيْهِ القَلَمُ، رَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ».
ثَانِيًا: نَصَّ الفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُسْتَغْفَرُ فِي صَلَاةِ الجِنَازَةِ لِصَبِيِّ وَلَا لِمَجْنُونٍ وَلَا لِمَعْتُوهٍ، لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِمْ.
ثَالِثًا: يَدْعُو المُصَلِّي بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الثَّالِثَةِ بِالدُّعَاءِ المَأْثُورِ، وَمِنْهُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا، وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا، وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا، وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا، اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الإِسْلاَمِ، وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الإِيمَانِ.
ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ فَرَطًا لِأَبَوَيْهِ، وَسَلَفًا، وَذُخْرًا، وَعِظَةً، وَاعْتِبَارًا، وَشَفِيعًا، وَأَجْرًا، وَثَقِّلْ بِهِ مَوَازِينَهُمَا، وَأَفْرِغِ الصَّبْرَ عَلَى قُلُوبِهِمَا، وَلَا تَفْتِنْهُمَا بَعْدَهُ، وَلَا تَحْرِمْهُمَا أَجْرَهُ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَإِذَا صَلَّيْنَا صَلَاةَ الجِنَازَةِ عَلَى طِفْلٍ صَغِيرٍ، لَا نَسْتَغْفِرُ لَهُ، بَلْ نَدْعُو بِالدُّعَاءِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ سَالِفًا. هذا، والله تعالى أعلم.