رقية الكافر للمسلم

13871 - رقية الكافر للمسلم

23-12-2025 54 مشاهدة
 السؤال :
هَلْ يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ الْكَافِرِ أَنْ يَرْقِيَ إِنْسَانًا مُسْلِمًا؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 13871
 2025-12-23

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فِي الْمُوَطَّأِ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمنِ؛ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ وَهِيَ تَشْتَكِي، وَيَهُودِيَّةٌ تَرْقِيهَا.

فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: ارْقِيهَا بِكِتَابِ اللهِ.

وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِ رُقْيَةِ الْكَافِرِ لِلْمُسْلِمِ.

ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَالْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَحِمَ اللهُ الْجَمِيعَ، إِلَى جَوَازِ رُقْيَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ لِلْمُسْلِمِ إِذَا رَقَى بِكِتَابِ اللهِ وَبِذِكْرِ اللهِ تَعَالَى، بِمَعْنَى: رُقْيَةٌ مُوَافِقَةٌ لِمَا فِي كِتَابِ اللهِ تَعَالَى.

وَ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ فِي رِوَايَةٍ: أَكْرَهُ رُقَى أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا أُحِبُّهُ.

لِأَنَّنَا لَا نَعْلَمُ هَلْ يَرْقُونَ بِكِتَابِ اللهِ أَمْ بِالْمَكْرُوهِ الَّذِي يُضَاهِي السِّحْرَ؟

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَحَقِيقَةُ الرُّقْيَةِ تَعْوِيذٌ يَكُونُ سَبَبًا فِي رَفْعِ مَرَضٍ، أَوْ وِقَايَةِ شَرٍّ، وَهَذَا نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الاسْتِشْفَاءِ وَالتَّدَاوِي، إِذَا أَصَابَ مَوْقِعَ الْمَرَضِ حَصَلَتِ الْفَائِدَةُ بِأَمْرِ اللهِ تَعَالَى.

وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ، فَإِذَا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ بَرَأَ بِإِذْنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ» رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

فَالشِّفَاءُ فِي الْحَقِيقَةِ مِنَ اللهِ تَعَالَى، وَلَيْسَ مِنَ الدَّوَاءِ وَلَا مِنَ الطَّبِيبِ وَلَا مِنَ الرَّاقِي، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ﴾.

وَلَيْسَ هُنَاكَ تَرَابُطٌ بَيْنَ عَقِيدَةِ الرَّاقِي أَوِ الْمَرْقِيِّ وَبَيْنَ اسْتِفَادَتِهِ مِنَ الرُّقْيَةِ.

وَعَلَيْهِ: فَتَصِحُّ الرُّقْيَةُ مِنْ غَيْرِ الْمُسْلِمِ إِذَا لَمْ تَكُنْ شِرْكًا؛ وَالشِّفَاءُ بِيَدِ اللهِ تَعَالَى.

وَمِمَّا يُؤَكِّدُ هَذَا مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ مُسْلِمٌ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ قَالَ: كُنَّا نَرْقِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ تَرَى فِي ذَلِكَ؟

فَقَالَ: «اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ، لَا بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكٌ».

فَدَلَّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ الرُّقْيَةَ إِذَا خَلَتْ مِنَ الشِّرْكِ وَمِنَ الشَّعْوَذَاتِ وَالْكَلَامِ غَيْرِ الْمَفْهُومِ، فَهِيَ مُبَاحَةٌ، وَقَدْ يَنْفَعُ اللهُ بِهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ مُسْلِمٍ.

وَلَكِنْ أَقُولُ، وَخَاصَّةً فِي هَذَا الزَّمَنْ: هَلْ قَلَّ الرَّاقُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَهْلِ التَّقْوَى حَتَّى يَطْلُبَ الْمُسْلِمُ مِنْ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَرْقِيَهُ؟!

لِذَا أَنَا لَا أَنْصَحُ بِالرُّقْيَةِ مِنْ كَافِرٍ لِمُسْلِمٍ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَنَا مَا يُغْنِينَا مِنْ أَهْلِ التَّقْوَى وَمِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ وَالْفَضْلِ الَّذِينَ يَرْقُونَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ. هذا، والله تعالى أعلم.

54 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مسائل متفرقة في الحظر والإباحة

 السؤال :
 2025-12-17
 99
مَا حُكْمُ الشَّرْعِ الشَّرِيفِ فِي الضَّرْبِ بِالدُّفِّ؟
 السؤال :
 2025-11-25
 232
هَلْ نَابُ الفِيلِ طَاهِرٌ أَمْ نَجِسٌ؟
 السؤال :
 2025-05-01
 1084
هَلْ يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ المُضْطَرِّ الَّذِي لَا يَجِدُ سَبِيلًا لِلْعَمَلِ إِلَّا فِي مَصْنَعٍ لِلْخَمْرِ، أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ؟
 السؤال :
 2025-04-17
 1061
هَلْ يَجُوزُ شَرْعًا أَنْ يُحَوِّلَ الإِنْسَانُ صُورَتَهُ إِلَى صُورَةٍ كَرْتُونِيَّةٍ عَنْ طَرِيقِ الذَّكَاءِ الاصْطِنَاعِيِّ؟
 السؤال :
 2025-03-17
 970
هَلْ يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ إِنْ أَحْسَنَ إِلَيْهِ أَحَدٌ أَنْ يَقُولَ لَهُ: اللهُ يَجْزِيكَ عَنِّي أَلْفَ خَيْرٍ؟
 السؤال :
 2025-03-17
 740
هَلْ مِنْ دَلِيلٍ عَلَى وُجُوبِ الصَّلَاةِ عَلَى آلِ البَيْتِ وَالصَّحَابَةِ الكِرَامِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5711
المقالات 3257
المكتبة الصوتية 4881
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 429248278
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :