الذهاب لمدينة الملاهي

13257 - الذهاب لمدينة الملاهي

17-08-2024 801 مشاهدة
 السؤال :
مَا حُكْمُ الشَّرْعِ في ذَهَابِ الرَّجُلِ مَعَ زَوْجَتِهِ وَأَوْلَادِهِ الصِّغَارِ إلى مَدِينَةِ المَلَاهِي لِلَّعِبِ في المَرَاجِيحِ وَغَيْرِهَا، مِنْ أَجْلِ إِدْخَالِ الفَرَحِ وَالسُّرُورِ إلى قُلُوبِ الأَوْلَادِ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 13257
 2024-08-17

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أَوَّلًا: إِدْخَالُ الفَرَحِ وَالسُّرُورِ إلى قُلُوبِ الصِّغَارِ سَوَاءٌ أَكَانُوا أَبْنَاءَنَا أَمْ غَيْرَهُمْ، مَطْلُوبٌ شَرْعًا، لِأَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ الرَّحْمَةِ، وَجَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ».

وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَحْمِلُ أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا وَهُوَ في الصَّلَاةِ، فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا، وَإٍذَا قَامَ حَمَلَهَا، كَمَا جَاءَ في صَحِيحِ الإِمَامِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَؤُمُّ النَّاسَ وَأُمَامَةُ بِنْتُ أَبِي الْعَاصِ وَهِيَ ابْنَةُ زَيْنَبَ بِنْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَاتِقِهِ، فَإِذَا رَكَعَ وَضَعَهَا، وَإِذَا رَفَعَ مِنَ السُّجُودِ أَعَادَهَا.

وَهَذَا مِنْ تَوَاضُعِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَمِنْ كَمَالِ شَفَقَتِهِ وَرَحْمَتِهِ بِالأَطْفَالِ، وَفِيهِ جَبْرُ خَاطِرٍ لِوَالِدِيهِمْ.

وَهَذَا سَيِّدُنَا عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ الذي يَهَابُهُ عُظَمَاءُ الرِّجَالِ، يُدْخِلُ الفَرَحَ وَالسُّرُورَ إلى قُلُوبِ الأَوْلَادِ، دَخَلَ عَلَيْهِ أَحَدُ عُمَّالِهِ، فَوَجَدَ عُمَرَ مُسْتَلْقِيًا عَلَى ظَهْرِهِ، فِي بَيْتِهِ وَصِبْيَانُهُ يَلْعَبُونَ حَوْلَهُ.

فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ.

فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: كَيْفَ أَنْتَ مَعَ أَهْلِكَ؟

فَقَالَ: إِذَا دَخَلْتُ سَكَتَ النَّاطِقُ.

فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: اعْتَزِلْ عَمَلَنَا، فَإِنَّكَ لَا تَرْفُقُ بِأَهْلِكَ وَوَلَدِكَ، فَكَيْفَ تَرْفُقُ بِأُمَّةِ مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. كذا في موارد الظمآن.

وَجَاءَ في الحَدِيثِ الذي رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ؟ وَأَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ؟

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللهِ تَعَالَى أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللهِ تَعَالَى سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ».

إِذَا كَانَ هَذَا في حَقِّ الكِبَارِ، فَكَيْفَ في حَقِّ الأَبْنَاءِ وَالأَوْلَادِ الصِّغَارِ؟

ثَانِيًا: اخْتِلَاطُ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ حَرَامٌ شَرْعًا، وَخَاصَّةً عِنْدَ تَبَذُّلِ المَرْأَةِ وَعَدَمِ احْتِشَامِهَا، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ﴾.

وَلِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ﴾.

وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ الإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَلَا حَرَجَ مِنْ أَخْذِ الأَوْلَادِ الصِّغَارِ إلى مَدِينَةِ المَلَاهِي، لِلَّعِبِ سَاعَةً مِنَ الزَّمَنِ بِشَرْطِ أَلَّا يُؤْذِيَ الوَلَدُ نَفْسَهُ، وَبِشَرْطِ عَدَمِ اخْتِلَاطِ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَخَاصَّةً النِّسَاءَ المُتَبَذِّلَاتِ غَيْرَ المُحْتَشِمَاتِ، وَإِلَّا فَيَحْرُمُ.

وَإِذَا شَبَّ الأَطْفَالُ عَلَى مِثْلِ هَذَا الاخْتِلَاطِ حَلَّتِ الطَّامَّةُ مِنْ حَيْثُ يَدْرِي الأَبَوَانِ أَوْ لَا. هذا، والله تعالى أعلم.

 

801 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مسائل متفرقة في الحظر والإباحة

 السؤال :
 2025-05-01
 16
هَلْ يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ المُضْطَرِّ الَّذِي لَا يَجِدُ سَبِيلًا لِلْعَمَلِ إِلَّا فِي مَصْنَعٍ لِلْخَمْرِ، أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ؟
 السؤال :
 2025-04-17
 1
هَلْ يَجُوزُ شَرْعًا أَنْ يُحَوِّلَ الإِنْسَانُ صُورَتَهُ إِلَى صُورَةٍ كَرْتُونِيَّةٍ عَنْ طَرِيقِ الذَّكَاءِ الاصْطِنَاعِيِّ؟
 السؤال :
 2025-03-17
 218
هَلْ يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ إِنْ أَحْسَنَ إِلَيْهِ أَحَدٌ أَنْ يَقُولَ لَهُ: اللهُ يَجْزِيكَ عَنِّي أَلْفَ خَيْرٍ؟
 السؤال :
 2025-03-17
 145
هَلْ مِنْ دَلِيلٍ عَلَى وُجُوبِ الصَّلَاةِ عَلَى آلِ البَيْتِ وَالصَّحَابَةِ الكِرَامِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ؟
 السؤال :
 2025-03-03
 243
هَلْ وَرَدَ دَلِيلٌ بِجَوَازِ التَّوَسُّلِ بِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ خَلْقِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟
 السؤال :
 2025-02-22
 1
لِمَاذَا حَرَّمَ اللهُ تعالى، وَحَرَّمَ رَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لُبْسَ الحَرِيرِ عَلَى الرِّجَالِ، مَعَ أَنَّهُ مِنْ نَعِيمِ اللهِ تعالى لِعِبَادِهِ فِي الجَنَّةِ؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5689
المقالات 3212
المكتبة الصوتية 4880
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 422948851
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :