الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَجِبُ أَوَّلًا مَعْرِفَةُ الحُكْمِ الشَّرْعِيِّ في الزَّوَاجِ، ثُمَّ مَعْرِفَةُ الحُكْمِ الشَّرْعِيِّ في طَاعَةِ الوَالِدَيْنِ.
أَوَّلًا: أَمَّا الحُكْمُ الشَّرْعِيُّ في الزَّوَاجِ، فَقَدْ يَكُونُ وَاجِبًا، وَقَدْ يَكُونُ مُسْتَحَبًّا، وَقَدْ يَكُونُ مُبَاحًا.
فَمَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ شِدَّةُ الحَاجَةِ للزَّوَاجِ، وَكَانَ يَخْشَى عَلَى نَفْسِهِ مِنَ الوُقُوعِ في الزِّنَا، فَالزَّوَاجُ في حَقِّهِ وَاجِبٌ إِذَا كَانَ يَمْلِكُ البَاءَةَ.
وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ شِدَّةُ الحَاجَةِ، وَلَا يَخْشَى عَلَى نَفْسِهِ مِنَ الوُقُوعِ في الزِّنَا، فَالزَّوَاجُ في حَقِّهِ مَنْدُوبٌ أَو مُبَاحٌ إِذَا كَانَ يْمِلَكُ البَاءَةَ.
ثَانِيًا: أَمَّا طَاعَةُ الوَالِدَيْنِ فَوَاجِبَةٌ عَلَى الوَلَدِ في غَيْرِ مَعْصِيَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
إِذَا كَانَ الزَّوَاجُ في حَقِّ الشَّابِّ وَاجِبًا، وَنَفْسُهُ مُتَعَلِّقَةٌ بِهَذِهِ الفَتَاةِ، وَلَا يَسْتَطِيعُ الانْصِرَافَ عَنْهَا، وَهِيَ صَاحِبَةُ دِينٍ وَخُلُقٍ، وَكَانَتْ كُفئاً لَهُ، وَوَالِدُهُ لَا يَرْغَبُ فِيهَا مِنْ غَيْرِ مُبَرِّرٍ شَرْعِيٍّ مَقْبُولٍ، فَلَا تَجِبُ طَاعَةُ الوَالِدِ في هَذِهِ الحَالَةِ، وَإِنْ كَانَ الأَوْلَى في حَقِّ الوَلَدِ طَاعَةُ الوَالِدِ في هَذِهِ الحَالَةِ.
وَأَمَّا إِذَا كَانَ الزَّوَاجُ في حَقِّ الشَّابِّ مَنْدُوبًا أَو مُبَاحًا، فَطَاعَةُ الوَالِدِ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ، وَيَجِبُ عَلَى الوَلَدِ أَنْ يُقَدِّمَ حَقَّ وَالِدِهِ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِلَّا كَانَ عَاقًّا لِوَالِدَيْهِ.
وَأَقُولُ لِمِثْلِ هَذَا الأَبِ: يَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «رَحِمَ اللهُ وَالِدًا أَعَانَ وَلَدَهُ عَلَى بِرِّهِ» رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ في مُصَنَّفِهِ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |