الحكمة من إخفاء عذاب القبر

11740 - الحكمة من إخفاء عذاب القبر

23-01-2022 740 مشاهدة
 السؤال :
مَا الحِكْمَةُ مِنْ إِخْفَاءِ عَذَابِ القَبْرِ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 11740
 2022-01-23

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَنَعِيمُ القَبْرِ وَعَذَابُهُ أَمْرٌ غَيْبِيٌّ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللهُ تعالى، وَمَنْ أَطْلَعَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ، مِنَ الأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ وَالصَّالِحِينَ، وَلَوْلَا الوَحْيُ بِذَلِكَ لَمَا عَرَفَ أَحَدٌ عَنْ عَالَمِ البَرْزَخِ شَيْئًا.

وَقَدْ ثَبَتَ بِنُصُوصِ القُرْآنِ العَظِيمِ عَذَابُ القَبْرِ وَنَعِيمُهُ، كَمَا ثَبَتَ في السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ الشَّرِيفَةِ.

وَمِنْ تَمَامِ رَحْمَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِعِبَادِهِ أَنَّهُ أَخْفَى عَلَيْهِمْ عَذَابَ  القَبْرِ، لِأَنَّهُ لَو أَطْلَعَنَا اللهُ تعالى عَلَى عَذَابِ القَبْرِ، لَمَا اسْتَقَرَّتْ حَيَاتُنَا، وَخَاصَّةً إِذَا كَانَ المَيْتُ قَرِيبًا لَنَا مِنْ أَبٍ أَو أُمٍّ أَو أَخٍ لَا قَدَّرَ اللهُ تعالى. هَذَا أَوَّلًا.

ثانيًا: لَوْ أَطْلَعَنَا اللهُ تعالى عَلَى حَيَاةِ المُعَذَّبِينَ في قُبُورِهِمْ لَكَانَ فَضِيحَةً لَهُمْ، وَقدْ أُمِرْنَا نَحْنُ بِذِكْرِ مَحَاسِنِ مَوْتَانَا، روى الترمذي عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اذْكُرُوا مَحَاسِنَ مَوْتَاكُمْ، وَكُفُّوا عَنْ مَسَاوِئِهِمْ».

واطِّلَاعُنَا عَلَى عَذَابِهِمْ فَضِيحَةٌ لَهُمْ، وَحَاشَا لِرَبِّنَا عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَفْضَحَ عَبْدًا كَانَتْ مَعْصِيَتُهُ سِرًّا، وَلَمْ تَكُنْ عَلَانِيَةً.

ثالثًا: لَو أَطْلَعَنَا اللهُ تعالى عَلَى المُعَذَّبِينَ في قُبُورِهِمْ لَصَعُبَ عَلَيْنَا دَفْنُ المَيْتِ، روى الإمام مسلم عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَوْلَا أَنْ لَا تَدَافَنُوا لَدَعَوْتُ اللهَ أَنْ يُسْمِعَكُمْ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ».

مَعَ العِلْمِ أَنَّ مَنْ كُتِبَ عَلَيْهِ العَذَابُ في عَالَمِ البَرْزَخِ سَيُعَذِّبُهُ اللهُ تعالى، سَوَاءٌ دُفِنَ في القَبْرِ أَوْ لَمْ يُدْفَنْ.

رابعًا: لَو كَانَ عَذَابُ القَبْرِ ظَاهِرًا يَرَاهُ وَيَسْمَعُهُ النَّاسُ لَمَا اسْتَقَامَ تَكْلِيفُ العِبَادِ، وَلَمْ يَكُنْ للإِيمَانِ بِالغَيْبِ مَيِّزَةٌ، لِأَنَّهُ يَكُونُ مُشَاهَدًا، وَلَا يُمْكِنُ إِنْكَارُهُ، لِذَا نَحْنُ نَرَى اليَوْمَ مَنْ يُنْكِرُ عَذَابَ القَبْرِ، وَمَا هَذَا إِلَّا لِخَلَلٍ في إِيمَانِهِ، وَالعِيَاذُ بِاللهِ تعالى.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَالمُؤْمِنُ الحَقُّ هُوَ مَنْ آمَنَ بِالغَيْبِ الذي جَاءَ في القُرْآنِ العَظِيمِ وَفي السُّنَّةِ المُطَهَّرَةِ، وَجَزَمَ بِوُجُودِهِ أَكْثَرَ مِمَّا يَجْزِمُ بِمَا يُشَاهِدُهُ بِعَيْنِهِ وَيَسْمَعُهُ بِأُذُنِهِ. هذا، والله تعالى أعلم.

740 مشاهدة
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مسائل فقهية متنوعة

 السؤال :
 2025-04-10
 259
مَا وَاجِبُنَا نَحْوَ إِخْوَانِنَا فِي فِلَسْطِينَ، وَخَاصَّةً فِي غَزَّةَ؟
رقم الفتوى : 13560
 السؤال :
 2025-04-10
 106
لَقَدْ كُنَّا نَسْمَعُ كَثِيرًا عَنِ الأَوْلِيَاءِ، وَلَكِنِ اليَوْمَ نَكَادُ لَا نَرَى وَلِيًّا، فَهَلْ قَلَّ عَدَدُ الأَوْلِيَاءِ للهِ تَعَالَى فِي هَذَا الزَّمَانِ؟
رقم الفتوى : 13559
 السؤال :
 2025-03-23
 290
مَا صِحَّةُ مَا يَنْتَشِرُ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يُقَدِّمَ هَدِيَّةً لِزَوْجَتِهِ يَوْمَ عِيدِ الفِطْرِ، لِقَاءَ تَعَبِهَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، وَيُسَمَّى هَذَا الحَقُّ حَقَّ المِلْحِ؟
رقم الفتوى : 13540
 السؤال :
 2025-03-21
 109
هُنَاكَ بَعْضُ أَبْيَاتٍ مِنَ الشِّعْرِ قِيلَتْ فِي حَقِّ السَّيِّدَةِ خَدِيجَةَ الكُبْرَى رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، يَقُولُ فِيهَا الشَّاعِرُ: قِفْ بِالحَجُونِ سُوَيْعَةً يَا حَادِي؛ فَهَلْ بِالإِمْكَانِ مَعْرِفَتُهَا، وَمَعْرِفَةُ قَائِلِهَا؟
رقم الفتوى : 13534
 السؤال :
 2025-03-17
 206
مَا هِيَ أَفْضَلُ صِيغَةٍ نُصَلِّي بِها عَلَى سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟
رقم الفتوى : 13527
 السؤال :
 2025-03-12
 36
مَا السَّبِيلُ لِلِاسْتِقَامَةِ عَلَى شَرْعِ اللهِ تَعَالَى، وَخَاصَّةً لِإِنْسَانٍ لَهُ قُرَنَاءُ سُوءٍ؟
رقم الفتوى : 13517

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5677
المقالات 3209
المكتبة الصوتية 4880
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 422577454
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :