موقف الأهل من بناتهم في حضور الأعراس

11990 - موقف الأهل من بناتهم في حضور الأعراس

08-06-2022 390 مشاهدة
 السؤال :
كَيْفَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَوْقِفُ الآبَاءِ وَالأُمَّهَاتِ مِنْ بَنَاتِهِمْ إِذَا أَرَدْنَ حُضُورَ حَفَلَاتِ الأَعْرَاسِ مَعَ وُجُودِ المُنْكَرَاتِ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 11990
 2022-06-08

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَجِبُ عَلَى الآبَاءِ وَالأُمَّهَاتِ التَّبْكِيرُ بِتَعْلِيمِ أَبْنَائِهِمْ مَا فَرَضَ اللهُ تعالى عَلَيْهِمْ مِنْ قَوْلٍ وَفِعْلٍ، لِكَيْ يَأْتِيَ عَلَيْهِمُ البُلُوغُ وَقَدْ تَمَكَّنَ ذَلِكَ في قُلُوبِهِمْ، وَسَكَنَتْ إِلَيْهِ أَنْفُسُهُمْ، وَأَنِسَتْ بِهِ جَوَارِحُهُمْ.

يَقُولُ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الآبَاءِ وَالأُمَّهَاتِ تَعْلِيمُ الأَوْلَادِ الصِّغَارِ مَا سَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِمْ بَعْدَ البُلُوغِ مِنَ: الطَّهَارَةِ، وَالصَّلَاةِ، وَالصَّوْمِ، وَتَحْرِيمِ الزِّنَا وَاللِّوَاطِ وَالسَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْمُسْكِرِ وَالكَذِبِ، وَنَحْوِهَا؛ وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾.

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: عَلِّمُوهُمْ مَا يَنْجُونَ بِهِ مِنَ النَّارِ.

وَتَعْلِيمُ الصِّبْيَانِ يَرُدُّ العَذَابَ الوَاقِعَ بِإِرَادَةِ اللهِ تَعَالَى عَنْ آبَائِهِمْ، أَوْ عَمَّنْ تَسَبَّبَ فِي تَعْلِيمِهِمْ، أَوْ عَنْ مُعَلِّمِهِمْ، أَوْ عَنْهُمْ فِيمَا يُسْتَقْبَل، أَوْ عَنِ الْمَجْمُوعِ، أَوْ يَرُدُّ الْعَذَابَ عُمُومًا.

وَقَدْ ثَبَتَ في الصَّحِيحَيْنِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْؤُولَةٌ عَنْهُمْ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْهُ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ».

وَقَالَ القَاضِي أَبُو بَكْرٍ بْنُ العَرَبِيِّ: إِنَّ الصَّبِيَّ أَمَانَةٌ عِنْدَ وَالِدَيْهِ، وَقَلْبُهُ الطَّاهِرُ جَوْهَرَةٌ نَفِيسَةٌ سَاذَجَةٌ خَالِيَةٌ عَنْ كُل نَقْشٍ وَصُورَةٍ، وَهُوَ قَابِلٌ لِكُل نَقْشٍ، وَقَابِلٌ لِكُل مَا يُمَال بِهِ إِلَيْهِ، فَإِنْ عُوِّدَ الْخَيْرَ وَعُلِّمَهُ نَشَأَ عَلَيْهِ وَسَعِدَ فِي الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ، يُشَارِكُهُ فِي ثَوَابِهِ أَبَوَاهُ وَكُل مُعَلِّمٍ لَهُ وَمُؤَدِّبٍ، وَإِنْ عُوِّدَ الشَّرَّ وَأُهْمِل شَقِيَ وَهَلَكَ، وَكَانَ الْوِزْرُ فِي رَقَبَةِ الْقَيِّمِ بِهِ وَالْوَلِيِّ عَلَيْهِ.

وَمَهْمَا كَانَ الأَبُ يَصُونُ وَلَدَهُ مِنْ نَارِ الدُّنْيَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَصُونَهُ مِنْ نَارِ الآخِرَةِ، وَهُوَ أَوْلَى، وَصِيَانَتُهُ بِأَنْ يُؤَدِّبَهُ وَيَهْدِيَهُ وَيُعَلِّمَهُ مَحَاسِنَ الأَخْلاَقِ، وَيَحْفَظَهُ مِنْ قُرَنَاءِ السُّوءِ، وَلَا يُعَوِّدَهُ التَّنَعُّمَ، وَلَا يُحَبِّبَ إِلَيْهِ الزِّينَةَ وَأَسْبَابَ الرَّفَاهِيَةِ فَيُضَيِّعُ عُمْرَهُ فِي طَلَبِهَا إِذَا كَبِرَ وَيَهْلَكُ هَلَاكَ الأَبَدِ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَيَجِبُ تَعْلِيمُ الأَوْلَادِ مُنْذُ نُعُومَةِ أَظْفَارِهِمْ، وَبَعْدَ دُخُولِ سِنِّ التَّكْلِيفِ يَجِبُ أَمْرُهُمْ بِالمَعْرُوفِ، وَنَهْيُهُمْ عَنِ المُنْكَرِ، بِأُسْلُوبِ الحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ، وَإِنِ اقْتَضَى الأَمْرُ القَسْوَةَ فَيَجِبُ عَلَى الآبَاءِ وَالأُمَّهَاتِ اسْتِخْدَامُ القَسْوَةِ التي تُؤَدِّبُهُمْ، وَلَا يُرَخَّصُ وَخَاصَّةً للبَنَاتِ الذَّهَابُ إلى مِثْلِ هَذِهِ الحَفَلَاتِ التي فِيهَا المُنْكَرَاتُ، لِأَنَّهُ مَنْ شَبَّ عَلَى شَيْءٍ شَابَ عَلَيْهِ. هذا، والله تعالى أعلم.

390 مشاهدة
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مسائل فقهية متنوعة

 السؤال :
 2025-05-14
 343
امْرَأَةٌ تُرَبِّي طُيُورًا فِي بَيْتِهَا، خَرَجَتْ يَوْمًا وَنَسِيَتْ وَضْعَ الطَّعَامِ لَهُمْ حَتَّى مَاتُوا، فَمَاذَا يَجِبُ عَلَيْهَا؟
رقم الفتوى : 13636
 السؤال :
 2025-05-14
 593
مَا صِحَّةُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ: قَالَ المَجْدُ اللُّغَوِيُّ: وَرُوِينَا عَنِ الأَصْمَعِيِّ قال: وَقَفَ أَعْرَابِيٌّ مُقَابِلَ قَبْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا حَبِيبُكَ، وَأَنَا عَبْدُكَ، وَالشَّيْطَانُ عَدُوُّكَ، فَإِنْ غَفَرْتَ لِي سُرَّ حَبِيبُكَ، وَفَازَ عَبْدُكَ، وَغَضِبَ عَدُوُّكَ، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لِي غَضِبَ حَبِيبُكَ، وَرَضِيَ عَدُوُّكَ، وَهَلَكَ عَبْدُكَ وَأَنْتَ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ تُغْضِبَ حَبِيبَكَ، وَتُرْضِيَ عَدُوَّكَ وَتُهْلِكَ عَبْدَكَ، اللَّهُمَّ إِنَّ العَرَبَ الكِرَامَ إِذَا مَاتَ مِنْهُمْ سَيِّدٌ أَعْتَقُوا عَلَى قَبْرِهِ، وَإِنَّ هَذَا سَيِّدُ العَالَمِينَ فَأَعْتِقْنِي عَلَى قَبْرِهِ. قَالَ الأَصْمَعِيُّ: فَقُلْتُ: يَا أَخَا العَرَبِ، إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ غَفَرَ لَكَ، وَأَعْتَقَكَ بِحُسْنِ هَذَا السُّؤَالِ؟
رقم الفتوى : 13634
 السؤال :
 2025-05-14
 235
مَا نَصِيحَتُكُمْ لِإِنْسَانٍ يَشْعُرُ أَنَّهُ مَحْسُودٌ مِنْ أَقْرَانِهِ؟
رقم الفتوى : 13633
 السؤال :
 2025-05-14
 252
مَاذَا يَعْنِي كَلَامُ ابْنِ عَطَاءِ اللهِ السَّكَنْدَرِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْرِفَ مَقَامَكَ، فَانْظُرْ فِي أَيِّ شَيْءٍ أَقَامَكَ؟
رقم الفتوى : 13631
 السؤال :
 2025-04-28
 243
لَقَدْ أَتْعَبَنِي الانْشِغَالُ بِعُيُوبِ النَّاسِ، وَأَصْبَحَ لَدَيَّ نُفُورٌ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ إِلَّا القَلِيلَ، فَمَا نَصِيحَتُكُمْ لِي؟
رقم الفتوى : 13602
 السؤال :
 2025-04-23
 302
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْإِنْسَانِ إِذَا دَخَلَ بَيْتًا، أَوْ أَيَّ مَكَانٍ لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ، أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى نَفْسِهِ؟
رقم الفتوى : 13596

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5701
المقالات 3235
المكتبة الصوتية 4880
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 424670450
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :