الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أخي الكريم، لقد ارتكبتَ كبيرة من الكبائر، ألا وهي إطعام الربا، وتثمير المال عن طريق المال الربوي المحرم، ولكن لله الحمد أن ألهمك الله تعالى التوبة الصادقة، وهذا دليلٌ على إرادة الخير لك من الله تعالى، قال تعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ} [الأنعام: 125]. فلله الحمد أن شرح الله صدرك للتوبة، وأسأل الله تعالى القبول.
وأما فيما يتعلق بالربح الذي حقَّقته من هذا المال الربوي فهو داخل في ملكك، لأن رأس المال مضمون عليك، والقاعدة الفقهية تقول: (الخراج بالضمان). ولكن هذا المِلك مِلك حرام، لا تبرأ ذمَّتك منه إلا بالتخلُّص منه بإنفاقه إلى الفقراء والمساكين، وطرق البر العامة ـ ولا يوضع في مسجد، ولا يُشترى به مصاحف ـ مع الاعتقاد بأنه لا أجر لك في هذا الإنفاق، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ولا يَكسِب عبد مالاً من حرام فيُنفِق منه فيُبارَكَ له فيه، ولا يتصدق به فيُقبل منه، ولا يَترك خلف ظهره إلا كان زادَه إلى النار، إن الله عز وجل لا يمحو السيئ بالسيئ، ولكن يمحو السيئ بالحسن، إن الخبيث لا يمحو الخبيث» رواه الإمام أحمد.
ولكن لك أجر التوبة إن شاء الله تعالى، ومن تمامها العزم على عدم العودة إلى مثل ذلك.
وبناء على ذلك:
فالربح الذي حقَّقته داخل في ملكك، ولكنَّ مِلكيته حرام، فيجب عليك التخلص منه، مع التوبة والاستغفار والندم على ما فات والجزم على أن لا تعود، وأن تعلم أن التخلُّص من الحرام لا أجر لك فيه إلا أجر التوبة، لأن الله طيب لا يقبل إلا طيباً. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |