إشكال حول سعة الرزق

12018 - إشكال حول سعة الرزق

16-06-2022 340 مشاهدة
 السؤال :
نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ المَعَاصِيَ وَالمُنْكَرَاتِ سَبَبٌ لِمَحْقِ الرِّزْقِ، وَلَكِنَّنَا نَرَى الظَّالِمِينَ الذينَ يَعِيثُونَ في الأَرْضِ فَسَادًا قَدْ وَسَّعَ اللهُ تعالى عَلَيْهِمْ في أَرْزَاقِهِمْ، فَكَيْفَ نُزِيلُ هَذَا الإِشْكَالَ مِنْ نُفُوسِنَا؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 12018
 2022-06-16

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَمِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّ الظُّلْمَ وَالمَعَاصِيَ وَالمُنْكَرَاتِ سَبَبٌ لِمَحْقِ البَرَكَةِ في الرِّزْقِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزقَ بِالذَّنْبِ الذي يُصِيبُهُ، كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الإِمَامُ الحَاكِمُ عَنْ ثَوْبَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلَّا الدُّعَاءُ، وَلَا يَزِيدُ فِي الْعُمُرِ إِلَّا الْبِرُّ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ».

وَالبَرَكَةُ في الرِّزْقِ وَالسَّعَةُ فِيهِ لَا تَكُونُ إِلَّا بِالتَّقْوَى وَالعَمَلِ الصَّالِحِ، كَمَا قَالَ تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾.

وَقَدْ ذَكَرَ اللهُ تعالى لَنَا في القُرْآنِ العَظِيمِ أَصْحَابَ الجَنَّةِ الذينَ عَزَمُوا عَلَى حِرْمَانِ الفُقَرَاءِ مِنْ نَصِيبِهِمْ فِيمَا آتَاهُمُ اللهُ تعالى مِنْ فَضْلِهِ، وَكَيْفَ كَانَتْ عَاقِبَتُهُمْ، قَالَ تعالى: ﴿إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ * وَلَا يَسْتَثْنُونَ * فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ * فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ * فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ * أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ * فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ * أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ * وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ * فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ * قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ * قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ * فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ * قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ * عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ * كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾.

كَمَا ذَكَرَ رَبُّنَا في سُورَةِ الكَهْفِ قِصَّةَ صَاحِبِ الجَنَّتَيْنِ وَمَصِيرَهُ، قَالَ تعالى: ﴿وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا * وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا﴾.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَلَا تَغْتَرَّ بِرُؤْيَةِ أَهْلِ المَعَاصِي وَالمُنْكَرَاتِ، وَالذينَ يَعِيثُونَ في الأَرْضِ فَسَادًا عِنْدَمَا يُوَسِّعُ اللهُ تعالى عَلَيْهِمْ في العَطَاءِ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ الاسْتِدْرَاجِ، كَمَا قَالَ تعالى: ﴿سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ * وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ﴾.

وَقَالَ تعالى: ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ﴾.

فَهُمْ عَلَى مَوْعِدٍ مَعَ قَوْلِهِ تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ﴾ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ يُمْهِلُ وَلَا يُهْمِلُ، لِحِكْمَةٍ يُرِيدُهَا تَبَارَكَ وتعالى. هذا، والله تعالى أعلم.

 

أسباب زيادة الرزق

سؤال 280: هَلْ هُنَاكَ أَفْعَالٌ أَو أَقْوَالٌ أَو أَدْعِيَةٌ لِسَعَةِ الرِّزْقِ؟

الجواب: الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَمِنْ أَجْلِ سَعَةِ الرِّزْقِ أَرْشَدَنَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ في كِتَابِهِ العَظِيمِ إلى أَشْيَاءَ، مِنْهَا:

أَوَّلًا: تَقْوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾.

ثَانِيًا: المُحَافَظَةُ عَلَى الصَّلَاةِ خَاصَّةً، وَالعِبَادَاتِ بِشَكْلٍ عَامٍّ، وَأَمْرُ أَهْلِكَ بِذَلِكَ، قَالَ تعالى: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى﴾.

ثَالِثًا: كَثْرَةُ الاسْتِغْفَارِ، قَالَ تعالى حِكَايَةً عَلَى لِسَانِ سَيِّدِنَا نُوحٍ عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَأَتَمُّ التَّسْلِيمِ عِنْدَمَا خَاطَبَ قَوْمَهُ: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا * مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ للهِ وَقَارًا * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا﴾.

رَابِعًا: مِنْ أَسْبَابِ سَعَةِ الرِّزْقِ الصَّدَقَةُ، قَالَ تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾.

خَامِسًا: مِنْ أَسْبَابِ سَعَةِ الرِّزْقِ صِلَةُ الأَرْحَامِ، فَقَدْ صَحَّ عَنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، وَأَنْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ» رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

سَادِسًا: الإِكْثَارُ مِنَ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ وَالمُتَابَعَةُ بَيْنَهُمَا، رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «تَابِعُوا بَيْنَ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ، فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الكِيرُ خَبَثَ الحَدِيدِ، وَالذَّهَبِ، وَالفِضَّةِ، وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ المَبْرُورَةِ ثَوَابٌ إِلَّا الجَنَّةُ»

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَمِنْ أَجْلِ سَعَةِ الرِّزْقِ يَجِبُ عَلَيْكَ المُحَافَظَةُ عَلَى الطَّاعَاتِ، وَتَرْكُ المَعَاصِي وَالمُنْكَرَاتِ، وَخَاصَّةً مُنْكَرَاتِ الجَوَّالَاتِ، وَمَوَاقِعِ التَّوَاصُلِ الاجْتِمَاعِيِّ، رَوَى الإِمَامُ الحَاكِمُ عَنْ ثَوْبَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلَّا الدُّعَاءُ، وَلَا يَزِيدُ فِي الْعُمُرِ إِلَّا الْبِرُّ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ».

ثُمَّ علَيْكَ بِكَثْرَةِ الدُّعَاءِ بَعْدَ الاسْتِغْفَارِ، وَخَاصَّةً هَذَا الدُّعَاءَ، رَوَى ابْنُ مَاجَه عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ إِذَا صَلَّى الصُّبْحَ حِينَ يُسَلِّمُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا، وَرِزْقًا طَيِّبًا، وَعَمَلًا مُتَقَبَّلًا».

اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا رِزْقًا حَلَالًا وَاسِعًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.

 

340 مشاهدة
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مسائل فقهية متنوعة

 السؤال :
 2023-12-29
 1124
اتَّصَلَتِ امْرَأَةٌ بِمُدِيرِهَا تُبَارِكُ لَهُ بِمَوْلُودٍ جَاءَهُ، فَرَدَّ عَلَيْهَا وَأَخْبَرَهَا أَنَّهُ يُحِبُّهَا مُنْذُ أَنْ عَرَفَهَا، وَطَلَبَ مِنْهَا أَنْ يَزُورَهَا في زِيَارَةً خَاصَّةً، فَمَاذَا تَفْعَلُ، وَهِيَ امْرَأَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ وَمُحَافِظَةٌ؟
رقم الفتوى : 12878
 السؤال :
 2023-12-29
 207
لَقَدْ دَعَانَا الإِسْلَامُ إلى العَفْوِ وَالصَّفْحِ عَنِ المُسِيءِ، أَلَا تَرَى في ذَلِكَ ضَيَاعًا لِكَرَامَةِ الإِنْسَانِ؟
رقم الفتوى : 12876
 السؤال :
 2023-12-11
 574
أَنَا طَالِبُ عِلْمٍ، وَأَدْرُسُ الشَّرِيعَةَ، وَلَكِنَّ نَظْرَةَ المُجْتَمَعِ وَالأَقَارِبِ نَظْرَةٌ دُونِيَّةٌ، وَيَقُولُونَ: إِنَّنِي إِنْسَانٌ مُتَخَلِّفٌ، وَيُسْمِعُونِي كَلَامًا جَارِحًا، وَوَالِدِي مِنْ أَهْلِ العِلْمِ، يَرَى الأَخْطَاءَ، فَأَقُولُ لَهُ: قَدِّمِ النُّصْحَ لَهُمْ، فَيَقُولُ: لَا شَأْنَ لَنَا مَعَ أَحَدٍ، فَبِمَ تَنْصَحُنِي؟
رقم الفتوى : 12849
 السؤال :
 2023-07-13
 2792
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ مُعَلِمَ الصِّبْيَانِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؟
رقم الفتوى : 12644
 السؤال :
 2023-07-13
 1236
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ المَحْرُومَ مِنَ الوَلَدِ إِذَا لَازَمَ الاسْتِغْفَارَ يُكْرِمُهُ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ بِذُرِّيَّةٍ صَالِحَةٍ؟
رقم الفتوى : 12642
 السؤال :
 2023-03-25
 7462
امْرَأَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ، ارْتَكَبَتْ جَرِيمَةَ الزِّنَا، وَتُرِيدُ أَنْ تَتُوبَ إلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَهَلْ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَطْلُبَ الطَّلَاقَ مِنْ زَوْجِهَا، وَتَتَزَوَّجَ مِنَ الزَّانِي بِهَا، لَعَلَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقْبَلُ تَوْبَتَهَا؟
رقم الفتوى : 12474

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3160
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 412844881
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :