الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَالطَّلَاقُ الصَّادِرُ مِنْ مَحْكَمَةِ الدَّرَجَةِ الأُولَى يُعَدُّ مُعَلَّقَاً عَلَى شَرْطِ وُصُولِهِ إلى الدَّرَجَةِ القَطْعِيَّةِ بِالتَّصْدِيقِ عَلَيْهِ مِنْ مَحْكَمَةِ النَّقْضِ، أَو بِمُرُورِ مُدَّةِ الاعْتِرَاضِ بِدُونِ اعْتِرَاضِ أَحَدٍ عَلَيْهِ.
وبناءً على ذلك:
أولاً: الزَّوْجَةُ تَكُونُ في عِصْمَةِ زَوْجِهَا حَتَّى يُصَدَّقَ طَلَاقُ القَاضِي مِنْ مَحْكَمَةِ النَّقْضِ، أَو تَمْضِيَ مُدَّةُ الطَّعْنِ فِيهِ، مِنْ غَيْرِ التَّقَدُّمِ بِالطَّعْنِ، بِمَا يَجْعَلُهُ قَطْعِيَّاً.
ثانياً: الزَّوْجَةُ تَكُونُ في عِصْمَةِ زَوْجِهَا بَعْدَ طَلَاقِ القَاضِي المُقَرِّرِ قَبُولَ الطَّعْنِ، حَتَّى مُضِيِّ مُدَّةِ الاعْتِرَاضِ بِدُونِ اعْتِرَاضٍ.
ثالثاً: يَقَعُ الطَّلَاقُ عِنْدَ تَصْدِيقِهِ مِنْ مَحْكَمَةِ النَّقْضِ، أَو بِمُرُورِ مُدَّةِ الاعْتِرَاضِ بِدُونِ اعْتِرَاضٍ.
رابعاً: عِدَّةُ المَرْأَةِ تَبْدَأُ لَحْظَةَ تَصْدِيقِ الطَّلَاقِ مِنْ مَحْكَمَةِ النَّقْضِ، أَو عِنْدَ لَحْظَةِ انْتِهَاءِ مُدَّةِ الاعْتِرَاضِ بِدُونِ اعْتِرَاضٍ.
خامساً: لَا عِبْرَةَ للعِدَّةِ التي تَلْتَزِمُ بِهَا المَرْأَةُ بِقَرَارِ مَحْكَمَةِ الدَّرَجَةِ الأُولَى، مَا دَامَ قَرَارُ المَحْكَمَةِ قَابِلَاً للطَّعْنِ، وَلَمْ يَأْخُذِ الدَّرَجَةَ القَطْعِيَّةَ.
سادساً: لَا يُقَالُ إِذَا صَدَّقَتْ مَحْكَمَةُ النَّقْضِ قَرَارَ مَحْكَمَةِ الدَّرَجَةِ الأُولَى يَقَعُ الطَّلَاقُ مِنْ لَحْظَةِ صُدُورِ ذَلِكَ القَرَارِ، لِأَنَّ طَلَاقَ القَاضِي جَعَلَهُ مُعَلَّقَاً عَلَى قَرَارِ مَحْكَمَةِ النَّقْضِ، أَو عَلَى مُضِيِّ مُدَّةِ الاعْتِرَاضِ بِدُونِ اعْتِرَاضٍ.
لِأَنَّ هَذَا كَمَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ وَافَقَ فُلَانٌ، فَطَلَاقُهَا يَقَعُ لَحْظَةَ مُوَافَقَةِ ذَاكَ الرَّجُلِ، وَلَو بَعْدَ أَعْوَامٍ، وَقَبْلَ مُوَافَقَتِهِ تُعْتَبَرُ زَوْجَةً شَرْعِيَّةً لِزَوْجِهَا، وَلَهُ مُعَاشَرَتُهَا، وَلَا يَقُولُ أَحَدٌ بِحُرْمَةِ هَذَا، لِأَنَّ المُوَافَقَةَ لَمْ تَأْتِ بَعْدُ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |