الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: اختلف الفقهاء في وجه المرأة وكفيها هل هما عورة أم لا؟
فذهب البعض إلى أنهما عورة، وذهب الآخرون إلى أنهما ليسا بعورة، وأنا أفتي بأنهما عورة.
ثانياً: والعورة يجب سترها أمام الرجال الأجانب إن خشيت الفتنة أو لم تخش على سواء، لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً} [الأحزاب:59].
ثالثاً: وأما ما سوى العورة ـ ومن ذلك وجه المرأة أمام الأجانب عنها من الرجال عند من لا يعده من العورة ـ فإن خُشيت الفتنة من النظر إليه منهم وجب عليها ستره، وإلا فلا يجب ستره، وقال الفقهاء: إن وجه المرأة الشابة محلُّ الفتنة غالباً، فيجب عليها ستره أمام الرجال الأجانب عنها.
أما العجوز والشوهاء فلا فتنة في النظر إلى وجهها غالباً، فلا يجب عليها ستره، ولو سترته كان أفضل لها، مستدلين بقوله تعالى: {وَالْقَوَاعِد مِنَ النِّسَاءِ اللاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [النور: 60]، ولم يقل أحد من الفقهاء بجواز منع المرأة من النقاب أمام الأجانب عنها من الرجال.
وبناء على ذلك:
فلو ُمنعت المرأة الشابة من العمل والكسب الحلال إلا إذا كشفت النقاب أمام الرجال الأجانب عنها، وجب عليها ترك العمل والاحتفاظ بالنقاب، ثم إن كانت غنيَّة غير ذات زوج أنفقت على نفسها من مالها، وإن كانت فقيرة وجبت نفقتها على أقاربها، مثل الابن والأب والأخ والعم والخال و... الأقرب فالأقرب، فإن لم يوجد أحد منهم وجبت نفقتها في بيت مال المسلمين، أما الزوجة فنفقتها على زوجها مطلقاً، ولا يُلزمها العمل للإنفاق على نفسها منه في كل الأحوال، ولو قدرت عليه وتيسر لها، وفي ذلك منتهى التكريم للمرأة وإبعادها عن مواضع التهم، على خلاف الرجل، فنفقته واجبة في ماله إن كان له مال، فإذا لم يكن له مال أُلزم بالعمل ما دام قادراً عليه ومتيسراً له، ولا تلزم نفقته أحداً إلا إذا كان فقيراً وعاجزاً عن العمل. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |