الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فأسأل الله تعالى لنا ولكم دوام العز في طاعته، ويجنبنا وإياكم الذل في معصيته، وأن يرضى عنا وعنكم رضاءً لا سخط بعده، مع تمام العافية والاستقامة، وسلامة الدنيا والآخرة.
أما بعد:
فهذه الآية تحدثنا عن مشهد عصيب من مشاهد يوم القيامة، حيث يفر المرء من الجميع ليبحث عن نجاته من عذاب الله تعالى، ويتأكد هذا الفرار من كل من يخشى أن يتعلق به ويطالبه بحقٍّ من الحقوق التي كانت مترتبة عليه.
وفي هذه الآية الكريمة تدرَّج ذكر الفرار من الأدنى إلى الأعلى، فقد قدم ذكر الأخ على الأم والأب، حيث بدأ بالأدنى ثم ارتقى إلى الأعلى؛ لأن الأم والأب أكثر التصاقاً وقرباً إلى قلب الولد من أخيه، ولأن حقَّهما عليه أكثر من حقِّ أخيه.
وكذلك يفرُّ من زوجته وبنيه، وهو كذلك ارتقاء من الأم والأب إلى الزوجة والبنين، لأن هوى الإنسان مرتبط بزوجته التي يحبها، أشد من ارتباط عاطفته بأمه وأبيه، وارتباط عاطفته ببنيه أشد ارتباطاً من عاطفته بزوجته.
فالعبد يوم القيامة إذا كان يفرُّ من أخيه ثم من أمه وأبيه ثم من زوجته وبنيه، وذلك لما عليه من حقوق، فهو من باب أولى وأولى يفرُّ ممن هو أبعد قرابة من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه. نسأل الله تعالى أن يجعل ذمتنا بريئة. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |