الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقو ل الله تبارك وتعالى: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّة * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّة * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي}. فقدَّم ربنا عز وجل ذكر الرجوع إلى الله تعالى على دخول الجنة، ويقول الله تعالى حكاية عن السيدة آسية زوجة فرعون: {رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ}. فقدَّمت ذكر العنديَّة على الجنة.
وفي هذه الآية الكريمة يقول الله تعالى: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا}. ولم يقل الجنة، لأن هؤلاء العباد المخلصين الذين سمعوا قوله تبارك وتعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}. هؤلاء عبدوا الله تعالى لله، ولم يقصدوا سوى الله تعالى في عبادتهم، ـ وطبعاً من جملة العبادة الدعاء، ومن الدعاء يسألون الله الجنة ويعوذون به من النار ـ فالمخلص في عبادته يطلب ربه في تلك العبادة، لذلك كافأهم ربنا عز وجل بأن يكونوا وفداً عليه، {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا}. والوفد هم القادمون ركباناً.
وذكر ربنا عز وجل في الآية اسم الرحمن، فقال: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا}. لأن هذا الاسم الشريف المبارك من صفات اللطف بالعبد، والجود والكرم والإنعام والفضل والتقريب والمواهب للعبد الذي أخلص في عبوديته لله عز وجل.
ولهذا قال ربنا عز وجل: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا}. ولم يقل إلى الجنة، وهذا جزاء من ترك اختياره لاختيار ربه عز وجل.
أما المجرمون فيساقون إلى جهنم وِرداً كما تساق القطعان والعياذ بالله تعالى. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |