الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَدْ ذَكَرَ فُقَهَاؤُنَا مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الإِمَامَةِ أَنْ يَكُونَ الإِمَامُ صَحِيحَ اللِّسَانِ، بِحَيْثُ يَنْطِقُ بِالحُرُوفِ عَلَى وَجْهِهَا الصَّحِيحِ، فَلَا تَصِحُّ إِمَامَةُ الأَلْثَغِ وَهُوَ الذي يُبَدِّلُ الرَّاءَ غَيْنًا، إِلَّا إِذَا كَانَ المُقْتَدِي مِثْلَهُ في الحَالِ.
وَمِنْ شُرُوطِهَا كَذَلِكَ أَنْ يُحْسِنَ الإِمَامُ قِرَاءَةَ مَا لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ إِلَّا بِهِ، وَقَالُوا: لَا تَصِحُّ إِمَامَةُ الأُمِّيِّ لِقَارِئٍ، وَالمَقْصُودُ بِالأُمِّيِّ هُوَ الذي لَا يُحْسِنُ قِرَاءَةَ الفَاتِحَةَ، أَوْ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، إِلَّا إِذَا كَانَ المُقْتَدِي كَذَلِكَ أُمِّيًّا.
وَأَمَّا إِمَامَةُ المَرِيضِ الذي يُصَلِّي إِيمَاءً فَلَا تَصِحُّ إِمَامَتُهُ لِقَائِمٍ أَوْ رَاكِعٍ أَوْ سَاجِدٍ.
وَبِنَاءً عَلَيْهِ:
لَا تَصِحُّ إِمَامَةُ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ، فَكُلُّ وَاحِدٍ يُصَلِّي مُنْفَرِدًا، هَذَا إِذَا كَانَ المَقْصُودُ بِالأُمِّيِّ في السُّؤَالِ مَا تَعَارَفَ عَلَيْهِ الفُقَهَاءُ، وَهُوَ الذي لَا يُتْقِنُ شَيْئًا مِنَ القُرْآنِ حَتَّى وَلَوْ آيَةً.
أَمَّا إِذَا كَانَ المَقْصُودُ بِالأُمِّيِّ مَا تَعَارَفَ عَلَيْهِ النَّاسُ في هَذِهِ الأَيَّامِ، وَهُوَ الذي لَا يُتْقِنُ القِرَاءَةَ وَلَا الكِتَابَةَ، فَهَذَا لَا يُعْتَبَرُ أُمِّيًّا عِنْدَ الفُقَهَاءِ إِذَا كَانَ يُتْقِنُ قِرَاءَةَ مَا تَصِحُّ بِهِ الصَّلَاةَ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
إِذَا كَانَ الأُمِّيُّ يُتْقِنُ شَيْئًا مِنَ القُرْآنِ تَصِحُّ الصَّلَاةُ بِهِ، يَكُونُ هُوَ الإِمَامَ، وَإِلَّا فَكُلُّ وَاحِدٍ يُصَلِّي لِنَفْسِهِ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |