الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَدْ جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ، فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ، وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وَإِذَا صَلَّى جَالِسَاً، فَصَلُّوا جُلُوسَاً أَجْمَعُونَ».
وَبِنَاءً عَلَى هَذَا الحَدِيثِ الشَّرِيفِ نَصَّ الفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَقَدُّمُ المَأْمُومِ عَلَى إِمَامِهِ في أَفْعَالِ الصَّلَاةِ مِنَ الأَرْكَانِ وَالوَاجِبَاتِ وَغَيْرِهَا، بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُتَابِعَ الإِمَامَ، وَخَاصَّةً في تَكْبِيرَةِ الإِحْرَامِ، وَالتَّسْلِيمِ مِنَ الصَّلَاةِ.
فَإِذَا تَقَدَّمَ المَأْمُومُ عَلَى إِمَامِهِ في تَكْبِيرَةِ الإِحْرَامِ لَمْ يَصِحَّ الاقْتِدَاءُ أَصْلَاً، بِاتِّفَاقِ المَذَاهِبِ، وَتَبْطُلُ صَلَاةُ المُقْتَدِي.
وَاتَّفَقَ الفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ المُقْتَدِيَ يُتَابِعُ الإِمَامَ في السَّلَامِ، بِأَنْ يُسَلِّمَ بَعْدَهُ، وَلَو سَلَّمَ المُقْتَدِي قَبْلَ الإِمَامِ سَهْوَاً فَإِنَّهُ يُعِيدُ، وَيُسَلِّمُ بَعْدَهُ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، أَمَّا إِنْ سَلَّمَ قَبْلَ الإِمَامِ عَامِدَاً فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ عِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ، إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ المُفَارَقَةَ عِنْدَ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ.
وبناء على ذلك:
فَصَلَاةُ المُؤَذِّنِ بَطَلَتْ بِتَسْلِيمِهِ قَبْلَ الإِمَامِ عَمْدَاً، وَعَلَيْهِ إِعَادَتُهَا قَبْلَ خُرُوجِ الوَقْتِ، فَإِذَا خَرَجَ الوَقْتُ وَجَبَ قَضَاؤُهَا. هذا، والله تعالى أعلم.