الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَالتَّوْبَةُ النَّصُوحُ مَطْلُوبَةٌ مِنَ الإِنْسَانِ دَائِمًا، وَيَجِبُ أَنْ يُحَقِّقَ شُرُوطَهَا، وَمِنْ شُرُوطِهَا أَنْ يَتَمَكَّنَ مِنَ العَمَلِ الصَّالِحِ بَعْدَ التَّوْبَةِ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾.
أَمَّا التَّوْبَةُ عِنْدَ المَوْتِ، فَقَد قَالَ اللهُ تعالى فِيهَا: ﴿إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَالتَّوْبَةُ المَقْبُولَةُ عِنْدَ اللهِ تعالى هِيَ التي صَدَرَتْ مِنَ المُذْنِبِ مُسْتَوْفِيَةً لِشُرُوطِهَا، وَمِنْ شُرُوطِهَا النَّدَمُ عَلَى مَا فَعَلَ قَبْلَ المَوْتِ، وَإِذَا كَانَ ذَنْبُهُ يَسْتَوْجِبُ القَتْلَ، فَإِنْ نَدِمَ قَبْلَ إِقَامَةِ الحَدِّ عَلَيْهِ، فَتَوْبَتُهُ مَقْبُولَةٌ إِنْ شَاءَ اللهُ تعالى، كَمَا حَصَلَ في تَوْبَةِ مَاعِزٍ الذي رَدَّهُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِرَارًا، وَهُوَ يَعُودُ بَعْدَ التَّوْبَةِ لِإِقَامَةِ الحَدِّ، وَكَمَا حَصَلَ في تَوْبَةِ المَرْأَةِ الغَامِدِيَّةِ.
وَتَلْقِينُ هَذَا الذي حُكِمَ عَلَيْهِ بِالإِعْدَامِ نَافِعٌ لَهُ بِإِذْنِ اللهِ تعالى إِذَا كَانَ صَادِقًا في تَوْبَتِهِ إلى اللهِ تعالى قَبْلَ تَنْفِيذِ حُكْمِ الإِعْدَامِ فِيهِ؛ وَرَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ رَبٌّ رَحِيمٌ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |