الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَدْ جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الَّذِي رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ أَهَلَّ مِنَ المَسْجِدِ الأَقْصَى بِعُمْرَةٍ أَوْ بِحَجَّةٍ غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ أَحْرَمَ مِنْ بَيْتِ المَقْدِسِ، وَمِنَ البَصْرَةِ.
وَابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَحْرَمَ مِنَ الشَّامِ، وَابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مِنَ القَادِسِيَّةِ.
وَجَاءَ في الهَدِيَّةِ العَلَائِيَّةِ: لَا يَحْرُمُ تَقْدِيمُ الإِحْرَامِ عَلَى المَوَاقِيتِ، بَلْ هُوَ الأَفْضَلُ، وَلَوْ مِنْ بَلَدِهِ إِذَا كَانَ فِي أَشْهُرِ الحَجِّ، وَأَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ مِنَ الوُقُوعِ فِي مَحْظُورَاتِ الإِحْرَامِ، وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَأْمَنْ عَلَى نَفْسِهِ ذَلِكَ، فَإِحْرَامُهُ مِنَ المِيقَاتِ أَفْضَلُ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَإِحْرَامُ هَذَا الرَّجُلِ قَبْلَ وُصُولِهِ إِلَى المِيقَاتِ إِحْرَامٌ صَحِيحٌ، وَتَلَبُّسٌ بِالنُّسُكِ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ جَمِيعُ مَحْظُورَاتِ الإِحْرَامِ، وَبِكَوْنِهِ لَبِسَ المَخِيطَ أَكْثَرَ يَوْمِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ دَمٌ، يَذْبَحُهُ في الحَرَمِ، وَيُوَزَّعُ لَحْمُهُ عَلَى الفُقَرَاءِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ شَيْئًا. هذا، والله تعالى أعلم.