الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: الإسلام أوجب حقوقاً للزوجة على زوجها، كما أوجب حقوقاً للزوج على زوجته، قال تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ}.
ومن حقوق الزوجة على زوجها: المهر والنفقة والسكنى، قال تعالى في حقِّ السكنى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ}. ويقول الإمام الحصكفي من فقهاء الحنفية: (وَكَذَا تَجِبُ لَهَا السُّكْنَى فِي بَيْتٍ خَالٍ عَنْ أَهْلِهِ وَأَهْلِهَا، بِقَدْرِ حَالِهِمَا، كَطَعَامٍ، وَكُسْوَةٍ، وَبَيْتٍ مُنْفَرِدٍ مِنْ دَارٍ لَهُ غَلْقٌ وَمَرَافِقَ، وَمُرَادُهُ لُزُومُ كَنِيفٍ وَمَطْبَخٍ، وَيَنْبَغِي الإِفْتَاءُ بِهِ، بَحْرٌ). اهـ.
ثانياً: يقول الله تبارك وتعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}. ومن المعاشرة بالمعروف أن يُكرم الرجل أهل زوجته، وكما أنَّ الزوج مطلوب منه المعاشرة لها بالمعروف، كذلك مطلوب منها المعاشرة له بالمعروف، وذلك لقوله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}.
فإكرام كلٍّ من الزوجين أهلَ الطرف الآخر من المعاشرة بالمعروف، ورفض الزوجة استقبالَ أهلِ الزوج ومبيتَهم عندها في بيت زوجها أمر غير مستحسن من المرأة المسلمة، وفيه إساءة للزوج ولأهله، إلا إذا وُجد ضرر من أهل الزوج على الزوجة.
وبناء على ذلك:
فإنَّ مكارم الأخلاق تأبى هذا في حقِّ البعيد، فكيف بحقِّ أهل الزوج؟ وقد جاء في الحديث الشريف عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قَالَ لَهُ: (فِرَاشٌ لِلرَّجُلِ، وَفِرَاشٌ لامْرَأَتِهِ، وَالثَّالِثُ لِلضَّيْفِ، وَالرَّابِعُ لِلشَّيْطَانِ) رواه مسلم.
وإذا طلبت المرأة الطلاق من زوجها لهذا السبب فهي آثمة، لقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الطَّلاقَ فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الجَنَّةِ) رواه الإمام أحمد عن ثوبان رضي الله عنه.
وعلى الزوج في هذه الحالة أن يؤدِّب زوجته من خلال الطريق الذي رسمه الله تعالى له بقوله: {وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا}. فإن أصرَّت على عنادها وساء الحال بين الزوجين فليُحَكِّما حَكَمَيْن، كما قال تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا}.
وأنا أنصح الزوجة أن تَتَّقي الله في أهل زوجها، وأن تكرمهم لأنَّ هذا إكرام لها ولزوجها، ولتذكر بأنها ستكون أماً لأبناء في المستقبل، فهل ترضى أن تُعامل هكذا في المستقبل من قِبَلِ زوجات أبنائها؟
أما إذا ثبتت الإساءة من قبل أهل الزوج فعليها أن تصبر وتتحمَّل، وإلا فمن حقِّها أن تمنعهم من الدخول والمبيت. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |