الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَبَوْلُ الغُلَامِ نَجِسٌ سَوَاءٌ أَكَلَ الطَّعَامَ أَوْ كَانَ يَرْضَعُ مِنْ ثَدْيِ أُمِّهِ، وَيَجِبُ غَسْلُهُ بِالمَاءِ، وَذَلِكَ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «اسْتَنْزِهُوا مِنَ الْبَوْلِ، فَإِنَّ عَامَّةَ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنْهُ» أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.
فَعَمَّمَ الحَدِيثُ الشَّرِيفُ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ بَوْلِ الكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ، وَلَا بَيْنَ مَنْ أَكَلَ الطَّعَامَ أَوْ كَانَ يَرْضَعُ مِنْ ثَدْيِ أُمِّهِ فَقَطْ؛ وَهَذَا مَذْهَبُ الحَنَفِيَّةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ.
وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ كَذَلِكَ إِذَا كَانَ الغُلَامُ يَأْكُلُ الطَّعَامَ، أَمَّا إِذَا كَانَ رَضِيعًا مِنْ ثَدْيِ أُمِّهِ فَعِنْدَهُمْ يَطْهُرُ بِرَشِّ المَاءِ عَلَى الثَّوْبِ حَتَّى يَغْمُرَهُ المَاءُ وَلَا يُشْتَرَطُ لِطَهَارَتِهِ سَيَلَانُ المَاءِ، وَذَلِكَ لِلْحَدِيثِ المُتَّفَقِ عَلَيْهِ الَّذِي رَوَتْهُ أُمُّ قَيْسٍ بِنْتُ مِحْصَنٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّهَا أَتَتْ بِابْنٍ لَهَا صَغِيرٍ، لَمْ يَأْكُلِ الطَّعَامَ، إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَأَجْلَسَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِي حَجْرِهِ، فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ، فَدَعَا بِمَاءٍ، فَنَضَحَهُ وَلَمْ يَغْسِلْهُ.
أَمَّا بَوْلُ البِنْتِ الَّتِي أَكَلَتِ الطَّعَامَ أَوْ كَانَتْ تَرْضَعُ مِنْ ثَدْيِ أُمِّهَا، فَإِنَّ بَوْلَهَا نَجِسٌ عِنْدَ الحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَلَا يَطْهُرُ إِلَّا بِالغَسْلِ، لِمَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي بَوْلِ الغُلَامِ الرَّضِيعِ: «يُنْضَحُ بَوْلُ الغُلَامِ، وَيُغْسَلُ بَوْلُ الجَارِيَةِ».
لِأَنَّهُ جَرَتِ العَادَةُ بِائْتِلَافِ حَمْلِ الصَّبِيِّ أَكْثَرَ مِنَ الأُنْثَى، فَيُخَفَّفُ في بَوْلِ الصَّبِيِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ دُونَ بَوْلِ البِنْتِ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
1ـ إِذَا كَانَ الغُلَامُ يَأْكُلُ الطَّعَامَ فَبَوْلُهُ نَجِسٌ يَجِبُ غَسْلُ الثَّوْبِ مِنْهُ عِنْدَ الحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ بِالاتِّفَاقِ.
2ـ وَإِذَا كَانَ الغُلَامُ يَرْضَعُ مِنْ ثَدْيِ أُمِّهِ فَقَطْ كَذَلِكَ يَجِبُ غَسْلُهُ عِنْدَ الحَنَفِيَّةِ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ يَطْهُرُ بِالغَسْلِ وَالتَّغْمِيرِ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |