الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَالطَّلَاقُ الصَّرِيحُ يَقَعُ عَلَى الزَّوْجَةِ بِالقَوْلِ وَبِالكِتَابَةِ الصَّرِيحَةِ الوَاضِحَةِ، سَوَاءٌ أَكَانَ نَاوِيًا الطَّلَاقََ أَمْ لَا، لِأَنَّ البَيَانَ يَكُونُ بِاللِّسَانِ وَبِالقَلَمِ، وقَالُوا: القَلَمُ أَحَدُ اللِّسَانَيْنِ.
وَمَنْ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِكَلِمَةِ الطَّلَاقِ وَلَمْ يَكْتُبْهُ بِيَدِهِ، وَلَكِنْ عُرِضَ عَلَيْهِ الكِتَابُ المَكْتُوبُ فِيهِ طَلَاقُ زَوْجَتِهِ، وَطُلِبَ مِنْهُ التَّوْقِيعُ عَلَيْهِ فَوَقَّعَ عَلَيْهِ بَعْدَ قِرَاءَتِهِ، فَالطَّلَاقُ يَقَعُ عَلَى الزَّوْجَةِ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَإِذَا قَرَأَ الزَّوْجُ الكِتَابَ الذي دَفَعَتْهُ إِلَيْهِ زَوْجَتُهُ، وَفِيهِ طَلَاقُهَا بِالثَّلَاثَةِ، وَوَقَّعَ عَلَى الكِتَابِ، فَالطَّلَاقُ وَقَعَ عَلَى الزَّوْجَةِ، لِأَنَّ التَّوْقِيعَ عَلَى الكِتَابِ ـ بَعْدَ القِرَاءَةِ، بِدُونِ إِكْرَاهٍ ـ دَلِيلٌ عَلَى إِقْرَارِ مَا فِيهِ.
وَمَا دَامَتِ الزَّوْجَةُ كَتَبَتْ: (طَالِقٌ بِالثَّلَاثَةِ) فَالطَّلَاقُ يَقَعُ ثَلَاثًا عِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ، وَتَبِينُ الزَّوْجَةُ مِنْ زَوْجِهَا بَيْنُونَةً كُبْرَى، وَلَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ.
وَخَالَفَ في ذَلِكَ ابْنُ تَيْمِيَةَ رَحِمَهُ اللهُ تعالى وَاعْتَبَرَ ذَلِكَ طَلْقَةً وَاحِدَةً، وَأَنَا لَا أُفْتِي بِهِ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |