الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: التلفُّظُ بكلمةِ الكفرِ الصَّريحِ أكبرُ الكبائرِ، وأعظمُ الآثام، ومحبطٌ للعملِ الصالحِ، وسببٌ لخسارةِ الدنيا والآخرة إذا مات المرء على ذلك ـ والعياذ بالله تعالى ـ قال تعالى: {وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِين}.
ثانياً: التلفُّظ بكلمةِ الكفرِ الصريحِ موجبٌ للرِدَّةِ عن الإسلامِ، سواءٌ كانَ مازحاً، أو جادَّاً، أو مُستهزئاً، قال تعالى:{وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُون * لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}.
ثالثاً: إذا تلفَّظ العبد ـ ذكراً كان أم أنثى ـ بكلمةِ الكفرِ الصريحِ وكان متزوِّجاً، فَسَخَ عقد الزواج بينهُ وبينَ زوجته، فإن كانَ الكفرُ بعدَ العقدِ وقبلَ الدخولِ بَطَلَ النكاحُ بينه وبينَ زوجته باتفاق جميعِ الفقهاءِ، ولا يحلُّ له الدخول بها إلا بعقدٍ جديدٍ بشروطِهِ.
أما إذا كان الكفرُ بعدَ الدخولِ فإنَّ العقدَ ينفسخُ بين الزوجين، ويجب أن يُحالَ بين الزوجين، فلا تجوزُ الخلوةُ بينهما ـ فضلاً عن المعاشرةِ ـ حتى يجدِّدَ إسلامَهُ، فإن جدَّدَ إسلامَهُ خلالَ فترةِ العدَّة فالزوجةُ زوجته بعقدِهَا القديمِ، وهذا عند جمهور الفقهاء.
أما عند الحنفية فلا بدَّ من تجديدِ العقدِ على زوجتِهِ سواءً أكانَ المرتدُّ الزوجَ أوِ الزوجةَ، وسواءً كانت الردةُ قبلَ الدخولِ أو بَعدَهُ.
وبناء على ذلك:
فإذا تَلَفَّظَت المرأةُ بكلمةِ الكفرِ بعد العقدِ وقبلَ الدخولِ فَسَخَ العقدُ بينها وبينَ زوجها باتفاقِ الفقهاءِ، ويجبُ تجديدُ العقدِ بشروطِهِ عندَ الفقهاءِ.
أما إذا تَلَفَّظَت بكلمةِ الكفرِ بعدَ الدخولِ بها، فلا يجوزُ للزوجِ أن يخلو بها ـ فضلاً عن معاشرتها ـ حتى تُجدِّدَ إسلامَهَا في فترةِ العدَّة، فإن جدَّدَت إسلامَهَا خلالَ عدَّتها فهي زوجتُهُ ولا تحتاجُ إلى عقدٍ جديد عند جمهور الفقهاء، غيرَ أنَّ الحنفيةَ قالوا: لا تحلُّ له حتى يُجدِّدَ العقد عليها بعد إسلامها سواءً كانت في العدَّة أم لا.
أما إذا انقضت عدَّتُها ولم تُجدِّدَ إسلامها، فلا تحلُّ لزوجها إلا بعقدٍ جديدٍ بعد تجديد إسلامها. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |