الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَإِذَا تَلَفَّظَ العَبْدُ بِكَلِمَةِ الكُفْرِ الصَّرِيحِ ـ وَالعِيَاذُ بِاللهِ تعالى ـ يُصْبِحُ مُرْتَدًّا عَنْ دِينِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، لِأَنَّ لَنَا الظَّاهِرَ وَاللهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ، وَرَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾.
وَمَنْ تَلَفَّظَ بِكَلِمَةِ الكُفْرِ الصَّرِيحِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُجَدِّدَ إِسْلَامَهُ وَتَوْبَتَهُ، وَأَنْ يُكْثِرَ مِنَ الاسْتِغْفَارِ وَالنَّدَمِ، وَإِذَا كَانَ مُتَزَوِّجًا وَتَلَفَّظَ بِكَلِمَةِ الكُفْرِ فُسِخَ العَقْدُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ، لِأَنَّهُ فِي سَاعَةِ التَّلَفُّظِ بِكَلِمَةِ الكُفْرِ صَارَ مُرْتَدًّا عَنِ الإِسْلَامِ، وَالمُرْتَدُّ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَحْتَهُ امْرَأَةٌ مُسْلِمَةٌ.
فَإِذَا جَدَّدَ إِسْلَامَهُ بَعْدَ الكُفْرِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُجَدِّدَ العَقْدَ عَلَى زَوْجَتِهِ، وَلَا تُحْسَبُ هَذِهِ مِنَ الطَّلَقَاتِ الثَّلَاثِ.
وَأَنَا أَنْصَحُ هَذَا الرَّجُلَ أَنْ يَبْتَعِدَ عَنْ قُرَنَاءِ السُّوءِ، وَأَنْ يُكْثِرَ مِنْ مُجَالَسَةِ الصَّالِحِينَ، وَأَنْ يَحْضُرَ مَجَالِسَ العُلَمَاءِ وَالأَخْيَارِ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ.
وَمَنْ جَالَسَ جَانَسَ، فَمَنْ جَالَسَ الصَّالِحِينَ صَارَ مِنْهُمْ، وَمَنْ جَالَسَ الأَشْرَارَ صَارَ مِنْهُمْ.
وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَضَعَ صِفَاتٍ لِجَلِيسِ المَرْءِ، عِنْدَمَا سَأَلَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ الكِرَامِ: أَيُّ جُلَسَائِنَا خَيْرٌ؟
قَالَ: «مَنْ ذَكَّرَكُمُ اللهَ رُؤْيَتُهُ، وَزَادَ فِي عَمَلِكُمْ مَنْطِقُهُ، وَذَكَّرَكُمْ فِي الْآخِرَةِ عَمَلُهُ» رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى وَالبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الإِيمَانِ.
نَسْأَلُ اللهَ لَنَا وَلَكُمْ حُسْنَ الخِتَامِ، لِأَنَّ الأُمُورَ بِخَوَاتِيمِهَا، أَلَا يَخَافُ هَذَا الرَّجُلُ أَنْ تَكُونَ نِهَايَةُ حَيَاتِهِ بَعْدَ الكُفْرِ مُبَاشَرَةً وَقَبْلَ التَّوْبَةِ، فَمَا هُوَ قَائِلٌ للهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ هذا، والله تعالى أعلم.